تطبيقات قانون الدفاع.. وماذا بعد؟

 أحمد حمد الحسبان

لم ينته وباء كورونا بعد، لكنه لم يعد يشكل ذلك الخطر الذي كان قائما عندما طبق قانون الدفاع قبل ما يزيد على ثلاثة أعوام. فعدد الإصابات بالوباء تراجع عالميا، وخطورة الإصابة تراجعت أيضا، والوفيات تراجعت أيضا، والأهم من ذلك كله، توفرت معلومات إضافية حول كيفية التعامل مع الفيروس الذي أرهق العالم واستنزف مقدراته لصالح مجموعة من شركات الدواء.

قانون الدفاع أعطى الحكومة هامشا لاتخاذ إجراءات استثنائية للتعامل مع الوباء ومخرجاته، تركزت في غالبيتها على الجوانب الاقتصادية، وفي مقدمتها تطبيقات الضمان الاجتماعي، والتطبيقات القانونية الأخرى المتعلقة بالتعامل مع المدينين وبخاصة موضوع” حبس المدين”.

وبغض النظر عن مدى التأثير الذي تركته تلك التطبيقات على مؤسسة الضمان الاجتماعي وإيراداتها ونفقاتها، وعلى امتيازات العاملين الذين توقفت بعض عناصر اشتراكاتهم بشكل مؤقت، إضافة إلى قضايا الديون والتوقف عن حبس المدينين، بدا واضحا أن المسالة قد أفرزت تساؤلات حول الخطوة القادمة؟ وما إذا كانت هناك مبررات للاستمرار في تطبيقات أوامر الدفاع الخاصة بالمدينين أولا؟ وتطبيقات قانون الدفاع بصيغته التي استدعيت قبل ما يزيد على ثلاث سنوات.

فبعد أيام قليلة، ومع نهاية الشهر الحالي تنتهي المهلة التي كان أقرها رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، بتأجيل تنفيذ قرارات حبس المدين حتى 30 نيسان الحالي. بينما الجدل الدائر حول هذا الملف يتركز في مجالات لا علاقة لها بالوباء.

تفصيلا، تركز المبررات التي تطرح حول حبس المدين على فرضيات عدم منطقية الضمانات التي يحق للدائن الحصول عليها لاسترداد دينه، وما إذا كان الحبس يساعد على تحصيل الدين أم أنه يزيد من معيقات التحصيل، باعتباره وسيلة ضغط على المدين للسداد.

وفي مسار آخر من الجدل تطرح تساؤلات أخرى من أبرزها ما إذا كان من واجب الحكومة أن تحبس المقصرين عن الوفاء بالدين لصالح أشخاص كانت لديهم معلومات حول عدم قدرة المدين على السداد، وأنهم كانوا مطمئنين فقط للضمانات التي يستطيعون الحصول عليها والمتمثلة بالشيكات مع أنها بالأصل وسيلة دفع وليست وسيلة ضمان. بينما يرد الدائنون بأنهم محميون بقانون نافذ، وأنهم تحركوا ضمن مظلة ذلك القانون، وأن من حقهم الحصول على حماية الدولة من خلال تطبيقات تلك القوانين إلى أن يتم تعديلها بأي صيغة من الصيغ.

غير أن ذلك لا يغطي جميع جوانب الملف المعقدة، ومنها ما يتعلق بأجور المساكن والمحلات التجارية والكثير من المعاملات، حيث شجعت الإعفاءات البعض على الاحتماء بأوامر الدفاع والامتناع عن أداء الديون للغير.

وهي مجالات عديدة تضاف إلى تراجع مبررات تطبيق أوامر الدفاع، وارتفاع وتيرة المطالبة بحسم هذا الجدل، والعودة إلى القوانين بنصوصها الأصلية التي كانت نافذة قبل انتشار الوباء، وقبل استدعاء قانون الدفاع. وبحيث تجري معالجة الثغرات في ملف الديون ضمن ورشات قانونية منفصلة، تفضي إلى تعديلات تشريعية تكون أكثر نضجا وعدلا.

ويبقى السؤال هنا، هل ستقوم الحكومة بتمديد المهلة المتعلقة بمنع حبس المدين؟ والتي تعتبر العقدة الأكثر جدلا، والتي تهم مئات الآلاف من الأردنيين الفارين إلى الخارج خوفا من الحبس، أو الذين ينتظرون تمديد الحماية إلى ما لا نهاية؟ أم أنها ستعيد تمديد الحماية لهم رغم شكوى الكثير من المتضررين من الدائنين؟

وفي بعد آخر، هل ستوقف الحكومة العمل بقانون الدفاع من أساسه، وتقرر أن وقت تطبيقه قد انتهى وأنه لم تعد هناك حالة استثنائية تستدعي ذلك؟

أسئلة تنتظر الحسم في المطبخ الحكومي وفي مكتب رئيس الوزراء باعتباره صاحب الولاية المباشرة فيما يخص أوامر الدفاع.