أطباء: الأنماط الصحية تتطلب عودة تدريجية للنظام الغذائي المتوازن بعد رمضان

حذّر أطباء ومتخصصون في التغذية العلاجية من الإفراط في تناول الوجبات الدسمة والحلويات، لا سيما بعد انتهاء شهر كامل من الصيام، مؤكدين أن أنماط الحياة الصحية تتطلب العودة التدريجية وعدم الإفراط في وجبات الطعام، لتجنب إرهاق الجهاز الهضمي والمعدة، ومحاولة الاستمرار في النظام الغذائي السليم، للمحافظة على الصحة وتجنب السمنة.

وقال الدكتور عبدالرزاق المدني، استشاري السكري والغدد الصم: يعتبر صيام رمضان مفيداً جداً لمرضى السكري من النوع الثاني، ويساعد على تنظيم السكر بالدم، ومن ثم يجب على المرضى اتباع النهج نفسه والابتعاد قدر الإمكان عن المجاملات، وعدم الإفراط في تناول الحلويات الغنية بالسكريات والدهون، خاصة أيام العيد، لأنها تؤدي إلى رفع نسبة السكر في الدم وتتسبب في تلبكات معوية، وهذه ظاهرة تنتشر لدى مرضى السكري.

وناشد الدكتور المدني مرضى السكري من النوعين الأول المعتمدين على الأنسولين، والنوع الثاني المعتمدين على الحبوب الفموية، الالتزام بأخذ الجرعات المحددة لهم من قبل الأطباء، لافتاً إلى أن هناك اعتقاداً خاطئاً يتمثل في زيادة الجرعة الدوائية مقابل التهام ما لذ وطاب من الحلويات والوجبات الدسمة، وهذا غير صحيح إطلاقاً.

وأوضح أن التغير المفاجئ في مواعيد وأساليب ونوعيات الطعام المتناول ينجم عنه عبء كبير على الجهاز الهضمي، ولذا يجب التدرج في تعويد المعدة على البدء بكميات قليلة من الطعام وتصغير حجم الوجبات حتى تعتاد المعدة على استقبال الطعام ابتداءً من صباح أول أيام العيد، ولتجنب إرباك الجهاز الهضمي وإتاحة الفرصة لعملية هضم مريحة وكاملة، ومن المفيد الالتزام بوجبات محددة وتنظيم مواعيد تناولها، وتجنب الاستمرار في التقاط الطعام طوال اليوم كي تتاح للجهاز الهضمي فرصة القيام بوظائفه على نحو طبيعي.

وحذر من الإفراط في تناول الحلويات والوجبات الدسمة أيام العيد، مشيراً إلى أن معظم الحلويات يدخل في تصنيعها الدهون والسكريات بنسب عالية جداً، ويؤدي الإفراط في تناولها إلى إرباك الجهاز الهضمي وحدوث تلبكات معوية.

وقال الدكتور المدني: على أصحاب الأمراض المزمنة، وتحديداً مرضى السكري، الحذر من العادات الغذائية السيئة لتجنب حدوث ارتفاع في سكر الدم خلال أيام العيد، وذلك بتناول الوجبات بناءً على إرشادات اختصاصي التغذية، وتناول الأدوية أو الأنسولين حسب تعليمات الطبيب، وعليهم عدم تناول النشويات بإفراط، مثل الأرز والتمور، حتى لا تؤدي إلى ارتفاع في مستوى سكر الدم، أما مرضى القلب فعليهم تقليل تناول الملح والدهون، وتجنب تناول وجبات كبيرة، ويفضل توزيع الوجبات اليومية إلى 6 وجبات صغيرة، إذ يمكن أن تؤدي الوجبات الكبيرة إلى إرهاق القلب.

إرباك

بدورها، قالت وفاء عايش، استشارية التغذية العلاجية: بعد انتهاء شهر رمضان يكون الصائم قد اعتاد نمطاً غذائياً مختلفاً، ونتيجة للصوم يعتاد الجهاز الهضمي عدم استقبال أي طعام أو شراب طوال النهار، في حين يفرز العصارات الهاضمة ويتهيأ لاستقبال الطعام وقت أذان المغرب، وفي أول أيام العيد ونتيجة للتغيير المفاجئ في مواعيد ونوعية الطعام المتناول يعاني الكثير من الناس من تلبك معوي وآلام في المعدة وانتفاخ أو إسهال، إضافة إلى حالات تسمم غذائية.

وحذرت من أن تناول الحلويات أو الوجبات الدسمة التي تحتوي على دهون وسكريات يتسبب في تضاعف المخاطر الصحية بسبب الإفراط في تناولها لدى المصابين بداء السكري والسمنة، مسببة ارتفاعاً في نسبة الدهون في الدم وأمراض القلب والشرايين، لذا يجب الحذر من تناول كميات كبيرة من هذه الوجبات الدسمة، والتدرج في تعويد المعدة على استقبال الطعام بعد شهر الصوم.

وحذرت من الإفراط في تناول الأطعمة الدسمة في أيام العيد، ودعت إلى تناول الطعام بصورة وجبات محددة حتى يتهيأ الجهاز الهضمي للعودة لاستقبال الطعام في صورة وجبات، وتنظيم مواعيد تناول الطعام للمعدة وإعطاء الجهاز الهضمي فرصة القيام بوظائفه على نحو طبيعي.

وأوضحت أن الجهاز الهضمي يتفاجأ بعد صيام 30 يوماً، ودون سابق إنذار بالعادات الغذائية الخاطئة التي يتبعها الكثير من الأمراض كالانتفاخات والتلبك المعوي، والإسهال والتسمم الغذائي، وينصح الأطباء بتقنين المسألة وتناول جرعات بسيطة ومحددة من حلويات العيد تخفيفاً على المعدة، وتجنباً للسمنة.

وبيّنت أن أفضل طريقة لمنع تناول الحلويات هي أن يستبدل بها الفواكه، لأن السكر الموجود في الفواكه يتم هضمه بصورة مختلفة عن سكر المائدة، كما أن الألياف المتوافرة في الفواكه تبطئ امتصاص السكر الموجود في الدم، ونوع السكر منخفض في مؤشر السكر فلا يرفع مستوى السكر في الدم بسرعة كبيرة، مشيرة إلى أن الإكثار والإفراط في تناول الحلويات من العادات الغذائية السيئة التي تؤدي إلى مشكلات صحية عديدة، من أبرزها السمنة التي تتفشى بشكل كبير، وتؤدي إلى الإصابة بأمراض صحية خطرة، في مقدمتها أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكر.

تدخين

وشددت عايش على ضرورة الالتزام بالعادات الغذائية الصحية، وممارسة التمارين الرياضية، للحصول على حياة صحية سليمة خالية من المشكلات والأخطار الصحية، محذرة من مضار التدخين في صباح العيد أو شرب الشاي أو القهوة على معدة خاوية، لافتة إلى ضرورة الإكثار من السوائل والمياه، والابتعاد عن المشروبات الغازية التي تتسبب في زيادة إفراز الماء في الجسم وفقده بسرعة.

وأكدت ضرورة أن يراعي الشخص كمية الطعام ونوعيته، إذ يفضل أن يبدأ الإفطار في أول أيام العيد بتناول كمية قليلة من الطعام تحتوي على الألياف، وأن لا يشرب كمية كبيرة من الماء والسوائل أثناء تناول الوجبات، ويقلل من تناول الأطعمة التي تهيج المعدة وتزيد من حموضتها، كالمقالي والمعجنات، وتلك التي تحتوي على بهارات وتوابل، وكذلك الشاي والقهوة والمشروبات الغازية.

وشددت على ضرورة الالتزام بنظام غذائي معتدل وأن لا يزيد عدد الوجبات على ثلاث، مع الإكثار من شرب السوائل والعصائر الطازجة، إضافة إلى التقليل من الحلويات والمكسرات، لأنهما يزودان الجسم بطاقة كبيرة قد لا يحتاج إليها أحياناً، إضافة إلى تناول الطعام ببطء، وتقطيع الأكل ومضغه بشكل جيد، ليتسنى هضمه بسهولة.

من جانبه، شدد الدكتور زيد المازم، استشاري أمراض السمنة، على ضرورة التدرج في تناول الوجبات الغذائية الصغيرة والمتفرقة خلال الانتقال من مرحلة الصوم إلى مرحلة ما بعد رمضان، والاعتماد على الخضراوات والفواكه.

وقال الدكتور المازم: إن الالتزام بروح شهر رمضان طوال العام، وتنظيم الوجبات الغذائية، وتناول الأكل الصحي المتوازن المعتدل في الكميات والمختلف في الأنواع، الذي لا يحتوي على الكثير من السعرات الحرارية أو النسب العالية من الدهون، يؤدي دوراً أساسياً في التمتع بصحة جيدة وحياة سعيدة، وهناك نصائح عدة مهمة يجب اتباعها حتى نحقق هذا الهدف، منها تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، مع تناول الحبوب الكاملة والخضراوات والفواكه، ولا بد من تناول الخبز البني والأرز والمنتجات المصنعة من الحبوب الكاملة، والحفاظ على الوزن المناسب.

عوامل

وأشار إلى أن الوزن المثالي يعتمد على عوامل عدة، منها: الجنس (ذكر أو أنثى)، والطول، والعمر، وبعض العوامل الوراثية، والزيادة في الوزن تساعد على زيادة فرص الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري وبعض أنواع السرطان، كما أن النحافة المفرطة أيضاً تزيد من فرص الإصابة بهشاشة العظام، وعدم انتظام الدورة الشهرية لدى السيدات، لذلك عند خسارة الوزن، لا بد من الاستعانة بخبير التغذية لتنظيم بعض العادات الغذائية والتحكم في الوزن، كما أن التمارين الرياضية المنتظمة تساعد على الاحتفاظ بالوزن المناسب.

كما شدد على ضرورة الانتظام في تناول الوجبات، إذ إن إهمال إحدى الوجبات الأساسية قد يؤدي إلى الإحساس بالجوع المفرط، الذي يتسبب في تناول كميات كبيرة من الطعام، فعند الشعور بالجوع تهمل أساليب التغذية الجيدة تماماً، وينصح أيضاً بتناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات للتغلب على الإحساس بالجوع، وبالتالي عدم تناول كميات كبيرة من الطعام، ولكن يراعى عدم تناول كميات كبيرة من الطعام خلال الوجبة الخفيفة حتى لا تتحول إلى وجبة أساسية.