«مديونيتنا» ايجابية.. وهذه هي الأسباب ؟

بقلم علاء القرالة

يبدو أن البعض ما زال يجهل ما تتعرض له المملكة من ضغوط اقتصادية وصحية ما زالت تؤثر على كل ما فينا وتحديدا في اخر عامين، ويعتقدون أننا خارج حسابات العالم و لا نتأثر بما يدور حولنا حتى أنهم باتوا يصورون كل ما يحدث في العالم على أنها دراما عالمية لا اثار لها سوى على شاشات التلفاز، فينتقدون كل اجراء وتحديدا المديونية والتي لولاها لما كان حالنا هو اليوم هو نفس الحال، كيف؟

لنتفق اولا على ان المديونية نوعان نوع ايجابي ونوع سلبي، فان كانت المديونية تترافق مع نمو اقتصادي وقدرة على التشغيل والانتاج وبمختلف القطاعات وتتزامن مع قدرة الحكومة على السداد فهي ايجابية بالتأكيد وهذا حال مديونيتنا اليوم، واما النوع السلبي منها فيترافق مع تراجع معدلات النمو الاقتصادي وكذلك ضعف التشغيل والانتاج وارتفاع التضخم وتراجع الدخول وضعف العملة مقابل الصرف وعجز الدول عن السداد فتكون بذلك سلبية ومقلقة وهذا ما نشهده بدول اخرى اليوم مجاورة وعالمية، الامر الذي يجعلنا نطمئن كثيرا للوضع القائم حاليا دونما?اي قلق من المديونية مستقبلا، فاقتصادنا يمضي للامام ويحقق معدلات نمو يشار إليها بالبنان وبشهادة الوكلات العالمية التي تؤكد قوة ملاءتنا المالية.

مؤخرا اثير جدل حول اي الحكومات اكثر اقتراضا من الاخرى وهنا يجب علينا ان نوضح عددا من الاسباب التي دفعت هذه الحكومة تحديدا الى الذهاب الى خيار الاستدانة، فالحكومة ومنذ ان وكلت بامر التشكيل كانت ومنذ البداية محاصرة بالجائحة كورونا لتحاط بعدها بالحرب الروسية الاوكرانية، فكانت امام خيارين الاول يكمن بعدم الذهاب الى خيار الاستدانة وابقاء الحال على ما هو عليه، وتكون قد ساهمت بتعميق ازمة القطاعات التي تضررت جراء الجائحة و بفقدان مئات الالاف من الوظائف للاردنيين واضعاف قدرة قطاعنا المصرفي والمالي وفقدان الدينار قو?ه ورفع معدلات الفقر والبطالة و تهريب الاستثمارات للخارج وتراجع الصادرات وتوقيف خطوط الانتاج ونقص البضائع وارتفاع اسعارها وفقدان السيطرة على التضخم، ولما استطاعت كذلك ان تقف أمام التحديات الجاثمة على صدرها وصدر الاقتصاد الوطني.

الحكومة الحالية اختارت ان تذهب الى خيار الاقتراض والدين للمضي في الاقتصاد الوطني الى الامام ما دام انها تستطيع ان تسدد فكان خيارها ناجعا وموفقا وناجحا اذا ما قسنا الاثار الايجابية التي تحققت لنا جميعا وللاقتصاد الوطني تحديدا جراء هذه المديونية في تجاوز كافة التحديات الصعبة التي واجهتها، فاقترضت ما اقترضت لتساهم في الحفاظ على معدلات نمو اقتصادي مرتفعة وانتاجية مضاعفة لمختلف القطاعات وانسيابية البضائع واستقرار اسعارها والاهم من هذا كله استقرارنا المالي والنقدي وارتفاع المؤشرات الاقتصادية لمنحنيات تفوق معدلات? قبل العام 2020 وبمختلف القطاعات وبشاهدة العالم.

اخيرا، كفوا عن التعلل بالمديونية لتبرير حالة التذمر والاحباط والسوداوية التي يعيشها البعض والهادفين لتعميمها علينا جميعا، فلولا المديونية لما كان حالنا مستقرا ولما اصبحنا نشاهد كل ما يدور بالعالم على انه دراما تلفزيونية نشاهدها فقط ولا نعيشها، فمديونيتنا ايجابية ما دام هناك نمو اقتصادي وقدرة على السداد وهذا كله بالتزامن مع التفكير جديا بتخفيض المديونية لحدود امنة مع حلول الاعوام القليلة القادمة.