المعشر: "نحن نساعد إسرائيل.. ويا ريت يلغوا المساعدات الأمريكية للأردن"
يرى نائب رئيس الوزراء الأسبق ووزير الخارجية الأسبق والسفير الأردني لدى واشنطن سابقا الدكتور مروان المعشر، أن الأردن ليس ملزما للاستجابة إلى الضغوطات الأمريكية.
وقال المعشر خلال ندوة حوارية استضافها معهد الإعلام الأردني اليوم الثلاثاء، "القول إن الأردن مجبر على الاستجابة لاي ضغوطات امريكية هذا كلام غير صحيح".
واستذكر المعشر قضية خالد مشعل عندما حاول الاحتلال اغتياله بالسم، وهو لم يكن صديقا للاردن في ذلك الوقت، لكن عندما شعر الملك الراحل الحسين باستباحة للسيادة الاردنية اتصل بالرئيس الأمريكي كلينتون وقال له "اما أن ترسل إسرائيل الترياق وإما الغي معاهدة السلام، ولم يقل ساطرد السفير او او.. وخلال ساعتين كان الترياق في الاردن".
وأضاف أنه عندما كان سفيرا في للأردن أمريكا كان الأردن يريد شراء طائرات وواجه ضغط من الامريكان باتجاه صفقة لاحدى الشركات، إلا أنه لم ينصاع واشترى بصفقة من قبل شركة اخرى".
وتساءل كيف يقال إننا مجبرون على استقبال نتنياهو تنفيذا لضغوطات أمريكية، فيما أعلنت أمريكا علنا عدم استقباله؟
وقال، "يا ريت يلغوا المساعدات الامريكية للأردن علنا نستطيع بناء اقتصادنا بأنفسنا، لأن المساعدات الخارجية منعتنا من بناء اقتصادنا، ولن نفعل الصحيح إلا اذا ارغمنا على فعل الصحيح".
وفي ذات الوقت أكد المعشر أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تلغي مساعداتها للأردن، لأن العلاقات الاردنية الامريكية لا تعتمد على موقف واحد، "فإذا رفضنا استقبال نتنياهو لن تلغى مساعدات الاردن، وهذا كلام يردد لتبرير ما ليس مبررا".
إسرائيل تحفر حفرة لنفسها ونحن نساعدها على الخروج منها
المعشر يرى ان عدم استغلال الأردن والدول العربية لما يجري في دولة الاحتلال الاسرائيلي من احتجاجات ومحاولات للتعديلات القضائية التي تجريها حكومة نتنياهو المتطرفة في إظهار عدم ديمقراطية دولة الاحتلال واثبات أنها دولة فصل عنصري، هو مساعدة لها في الخروج من الحفرة التي حفرتها لنفسها.
وقال "اسرائيل تحفر حفرة لنفسها ونحن نساعدها على الخروج منها"، مشيرا إلى فرصة كبيرة أمام العالم العربي إذا استمرت اسرائيل بالتعديلات، لفضح الادعاء بأن اسرائيل دولة ديمقراطية، ومؤكدا وجود خطأ في عدم استغلالها لفضح الخطاب الاسرائيلي من خلال مقاربة علمية ممنهجة.
وأضاف أن هناك قصور إعلامي عربي في التعامل مع القضية وتسليط الضوء على ما يجري في اسرائيل، يشير إلى عدم دراية وتجاهل لما يجري في المجتمع الاسرائيلي، وهو الأمر الذي له تبعات مباشرة على الاردن وفلسطين.
وبين أن حكومة الاحتلال الحالية ينتمي معظم وزرائها لما يدعى بمعسكر التطرف الصهيوني الديني، والذي يجمع بين التطرف القومي والتطرف الصهيوني الديني، ويؤمنون بأن الله وهب اليهود موطنا في اسرائيل الكبرى وان الشعب اليهودي له الافضلية وحق الوجود الحصري على ارض فلسطين التاريخية، ما يعني أن الفلسطينيين ليس لهم الحق في الوجود من الاساس، ويتبنون تعريفا متطرفا لمن هو اليهودي.
وقال المعشر إن هذا موقف متطرف غير مستعد لأي نوع من النقاش او المرونة، وهو وضع لا يمكن التكيف معه لأنه لا يعترف بحقك في الوجود لا كفلسطيني ولا كأردني.
وأشار إلى أن الانقسام الذي يجري في اسرائيل ليس داخليا فقط، بل بين اليهود في اسرائيل ويهود العالم بعدم الاعتراف بيهودية بعض يهود العالم.
وأوضح أن أغلب يهود الولايات المتحدة وهم الداعمون الاكبر لاسرائيل اعتنقوا اليهودية قبل نحو 100 عام ولا يستطيعون اثبات يهوديتهم لـ 14 جيلا سابقا، وهو ما يعني عدم اعتراف يهود اسرائيل بيهوديتهم.
وأضاف الوزير الاسبق الذي شغل منصب أول سفير للمملكة لدى الاحتلال، إن هذه ابعاد تجعل من الحكومة الحالية الأكثر تطرفا وهي حكومة "داعشية يهودية".
وأعتبر أنه إذا أخلت اسرائيل في اركان الديمقراطية وهي وجود 3 سلطات منفصلة مستقلة "التنفيذية والتشريعية، والقضائية"، ستخل في صورتها التي تقدمها للعالم لأنها باعت نفسها للعالم على انها دولة ديمقراطية.
وأكد أن هذا الانقسام الداخلي الاسرائيلي هو من قبل المكون اليهودي فقط، إذ لم تطال الاحتجاجات الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق المكون الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وذلك لأن كلمة "الجميع" في شعارهم "الديمقراطية للجميع" تعني الجميع اليهودي ولا تشمل المكون الفلسطيني، أما أمر السلام فهو غائب تماما عن الاحتجاجات.
حل الدولتين لم يعد ممكنا
صور المعشر الحديث عن حل الدولتين "كمن يتشاجرا على قطعة بيتزا بينما شخص اخر يأكلها"، قائلا: "نحن نريد حل الدولتين والغرب ييد حل الدولتين، واسرائيل تقضم ما تبقى من أراض فلسطينية".
ويرى المعشر أن حل الدولتين انتهى لأن الفلسطيني الأن لا يملك أي سيادة على أرضه ولا مائه ولا اجوائه، فلا يستطيع المواطن في الضفة او غزة التنقل منهما إلا بإذن اسرائيلي، "ومن يعتقد أن هناك دولة فلسطينية اليوم يضحك على نفسه، هي دولة واحدة تدعى اسرائيل وهي دولة تمييز عنصري".
وبين أن الدور المطلوب اليوم هو العمل على ان تصبح هذه الدولة ديمقراطية تعطي للفلسطينيين حقوقهم المدنية كاملة، بدلا من أنها دولة تمييز عنصري.
وشرح أن الدولة الواحد لا يعني انصهار كامل للفلسطينيين والاسرائيليين، بل على مبدأ أمثلة اخرى في مجتمعات الدول الفيدرالية، أي أن الهوية الوطنية الفلسطينية لن تغيب.
وطرح أمثلة على ذلك سويسرا وهي دولة ذات نظام فيدرالي وفيها ألمان وايطاليين وفرنسيين، وكذلك في بلجيكا التي تضم عناصر أثنية، مؤكدا إمكانية الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، وضمان تحقيق هذه الهوية وتطلعاتها.
وأكد أنه أمام العرب استغلال فضح ممارسات اسرائيل غير الديمقراطية وكشفها كدولة فصل عنصري أمام العالم، وهو الوصف الذي كان غير مقبولا في كافة الاروقة الدولية، إلا ان هذا ما يجري فعليا على ارض الواقع وبالمعنى القانوني له لا المعنى العاطفي.
وبين أن الفصل العنصري بالمعنى القانوني هو وجود نظامين قانونيين مختلفين أحدهما للفلسطينيين وآخر للمستوطنين.
وأشار إلى أن التعامل العربي مع اسرائيل لم ينجح في تليين الموقف الاسرائيلي تجاه القضية الفلسطينية، "مقاربة الحل مع اسرائيل منذ اوسلوا 1993 تعتمد على الفصل بين الجانبيين واقامة الدولة الفلسطينية وهو أمر لم تحدده الاتفاقية، لكن المجتمع العربي والدولي يرى ان هذا هو الحل الوحيد".
وأوضح أن المسار السياسي بقي ملتزما بشعار حل الدولتين رغم إدراكه صعوبته "لن اقول استحالته"، فاسرائيل موقفها العلني اليوم ضد حل الدولتين ولا تريد الانسحاب من الاراضي الفلسطينية.
وتابع، "المسار السياسي يقول إن من يدعي استحالة حل الدولتين هم سذج، لان هذا الحل هو الامثل، وطالما أنه الأمثل فلا بد من أن يتحقق، ولك لا اريد القول من هم السذج".
وأكد المعشر على ضرورة قلب المعادلة، فبدلا من المطالبة بالحل اولا ثم الحقوق، على العرب المطالبة بالحقوق أولا للشعب الفلسطيني ثم التفكير في الحل، مشيرا إلى أن أي حل لا يرتكز على الحقوق المتساوية للفلسطينيين والاسرائيليين هو غير ناجح.
ودعا المعشر إلى عدم التخوف من حل الدولة الواحدة لأن عدد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة والتي تسيطر عليها اسرائيل فاق عدد الاسرائيليين، إذ بلغ عدد الفلسطينيين وفق آخر الاحصاءات 7.4 مليون نسمة مقابل 6.8 مليون اسرائيلي يهودي، و0.4 مليون نسمة اسرائيلي غير يهودي.
وأوضح أن حرب غزة الأخيرة أثبتت أن المجتمعات الفلسطينية منسجمة في مواقفها اينما تواجدت.