حزب الدولة وأحزاب المعارضة

أحمد حمد الحسبان

هل تعمل الدولة على تأسيس حزب أو أكثر لها؟ وهل كلفت البعض بتأسيس ذلك الحزب؟ وهل أعطت الضوء الأخضر لشخص أو أكثر بالسير في هذه المهمة؟


وهل صحيح ما يتردد على ألسنة البعض من أن مرجعيات رسمية قد ساعدت أشخاصا بالتحرك واستقطاب أعضاء للحزب الجديد بحيث يكون جاهزا لخوض الانتخابات بقوة عندما يكون ذلك ممكنا؟
أسئلة تطرح وبإلحاح في الشارع، الذي يتوقف عند حالة استقطاب يعتقد أنها غير مسبوقة، وعن همس بأن حزبا – قيد التأسيس- هو المرشح لقيادة الشارع السياسي في مرحلة ما.


يدعم تلك الحالة حراك غير واضح المعالم، ويتراوح ما بين إقبال كبير على أحزاب بعينها، وانسحابات بالجملة من أحزاب أخرى، وما يطلق من تسريبات بأسماء أشخاص وجهات لها علاقة بما يجري راهنا، وعن محاولات إقناع لأشخاص تريثوا في الانضمام إلى ذلك الحزب الوليد.


هنا ومع التسليم بحق الدولة بأحزاب تعبر عن ثوابتها، وتتبنى طروحاتها وتضع من البرامج ما ينسجم مع تلك الثوابت، وما يمكنها من خدمة المواطن والدفاع عن الوطن وترسيخ المؤسسية، وإرساء دولة القانون فمن المهم لها الأخذ بالحالة الوطنية المثلى التي تقوم على اعتبار أن كل الأحزاب هي أحزاب للدولة، وأن الساحة عصية على أي حزب يتقاطع نظامه مع ثوابت الدولة وأن كل التقاطعات – إن حدثت- تكون مع الحكومات وفي مجالات محددة ذات طابع اجتهادي في التفاصيل فقط.


ولكي لا يلتبس الأمر كثيرا، فمع أن الموالاة للدولة أمر ضروري جدا، فإن الموالاة للحكومات شيء مختلف، ذلك أن الحزب الذي يشكل الحكومة يمتلك أغلبية برلمانية، سواء أكانت ناتجة عن ائتلاف حزبي، أو أغلبية برلمانية، يقابل تلك الصورة تعددية من بين عناصرها معارضة برامجية تثري الأداء البرلماني والسياسي.


ولكي تكتمل الصورة لا بد من الإشارة إلى الواقع بكل سلبياته، والتطورات وتعزيزها لتلك السلبيات، وضرورة الدفع بأدوات جديدة تساعد على النهوض بالأحزاب، وبالتالي بالحياة السياسية.
فالمشهد الراهن يتمثل بوجود عشرات الأحزاب السياسية والتي يصعب على المدقق في تفاصيلها التمييز بين أنظمة الكثير منها، وتصنيفها ضمن اتجاهات محددة. وسط حالة تبدو عصية على مقترحات الاندماج، ومحاولات الاستقطاب تنفيذا للقانون الجديد الذي يرفع عدد المؤسسين بداية، وعدد الأعضاء عند عقد مؤتمرهم الأول، واشتراط التكيف مع تلك النصوص القانونية الجديدة.


والظاهرة الملفتة – حتى اللحظة- تقوم على مبدأ التشكيل الهرمي بحيث تتشكل القيادة الحزبية، ومن ثم يتم البحث عن الأعضاء لإلحاقهم بالحزب، بينما تجري عملية الاستقطاب تبعا لاسم المؤسس، أو بناء على عمليات الترويج الرسمي.


والخطورة هنا أن عمليات الاستقطاب تتم وفقا لأبعاد مصلحية لا تلبث أن تتلاشى في لحظة معينة وتكون نتيجتها انسحابات تعيد الحزب إلى نفس المشهد الراهن.
مرة أخرى، من حق الدولة أن تكون لها أحزاب، لكنني أرى أن كل الأحزاب للدولة، بينما الحزب الفائز هو حزب الحكومة والدولة معا.


أما ما يرافق عملية الاستقطاب الراهنة، فلا بد من أن تتبرأ منه الدولة التي تنحاز لكل أبنائها، ولكل تنظيماتها السياسية المشروعة والمرخصة وفقا للقانون.