‏لم نسمع صوت " الوطني لحقوق الإنسان "

حسين الرواشدة
 

لماذا لم نسمع صوت المركز الوطني لحقوق الإنسان منذ شهور طويلة ؟ 
لا يوجد لدي إجابة واضحة ، بالطبع ، ما اعرفه أن المركز تعرض ، قبل ثمانية أشهر،  لازمة خانقة ، انتهت بكف يد المفوض العام ، و استقالة رئيس مجلس الأمناء ، لا أدري إذا كانت ارتدادات الأزمة ما زالت تتفاعل فيما يتعلق بالموظفين ، لكن الأهم ارتداداتها على صعيد أداء المركز ، ومحاولة " فرملة" دوره ،  هنا - في تقديري - مربط الفرس ، فما جرى  للمركز لا يمكن فهمه إلا في هذا السياق .

 اعتاد المركز بداية كل عام إصدار تقريره السنوي ، هذا التقرير لم يصدر حتى الآن ، ومع كل حدث أو أزمة  تتعلق بحقوق الإنسان ، كان للمركز رأي،  وأحيانا دور ، لكن منذ اكثر من سنة اختفى هذا الرأي تقريبا ، ومرت بالبلد أحداث وأزمات كبرى ، أخرها إضرابات النقل ، دون أن يتحرك المركز  لكي يطمئننا  على حالة حقوق الإنسان ، ومدى صوابية الإجراءات التي اتخذت في التعامل مع الأزمة آنذاك .

تصوّر أن آخر خبر نُشر على موقع المركز الرسمي يعود تاريخه ل 25‏/10‏/2021، أي  قبل نحو عام وثلاثة أشهر ،  كما أن آخر ورشة عمل نظمها تعود تقريبا للتاريخ ذاته،  هل يعكس ذلك حقيقة نشاط المركز أم أنه يمارس دور" الزاهد " بالنشر والإعلان ؟ حقا لا أدري ، لكن بحكم متابعتي لكثير من المؤسسات لم اقرأ في الأخبار عن أي نشاط قام به في الفترة الماضية ، ما يعني ، للأسف،  أننا أمام حالة "موت سريري " ، أو ، إن أحسنا الظن ،  إعادة ترتيب للبيت الداخلي ، بعد هزات كبيرة تعرض لها.

 اكتب هنا عن المركز بدافع العتب والحزن والرجاء ، العتب والحزن لأننا افتقدناه،  وأخجلنا وصدمنا ما حدث له،  وداخلة من ارتجاجات ،  ثم لأن غيابه او تغييبه ، يبعت لنا برسائل غير مطمئنة ، سواء على، صعيد ما يطلق من نوايا للتحديث والإصلاح ، أو ما يحدث على صعيد ملف حقوق الإنسان الأردني تحديدا ، والأخطر ما تتعرض له سمعة بلدنا في الداخل والخارج ، حيث يملأ فراغ غياب المركز مؤسسات خارجية ، تفاجئنا بتقارير لا نجد من يرد عليها بثقه ومصداقية .

يبقى دافع الرجاء ، وهنا سؤال : لمصلحة من يتم "تحييد"  المركز الذي أنشأناه قبل اكثر من 20 عاما ، ولماذا نتعامل ، صدفة أو بفعل فاعل ، مع مؤسساتنا  الوطنية بمثل هذه " الخفّة" واللامبالاة ؟ نتذكر هنا أن المركز حظي بسمعة طيبة ،محليا ودوليا ، وأصدر تقارير ترتقي إلى مستوى عال من المهنية والشفافية ، كل ذلك صب ّ في مصلحة الدولة الأردنية ، وساهم بحماية مرتكزاتها السياسية والأمنية والاجتماعية،  ومنح الأردنيين " كوة"  أمل وسط محيط من السوداوية ،  حين وجدوا  جهة مستقلة تستمع لشكاواهم ،  وتنتصر لحقوقهم ، أمام أي تعسف من الإدارات العامة.

 رجاء لكل من يهمه الامر ، الملك قال اكثر من مره (لا إصلاح بدون الحفاظ على حقوق الإنسان وصون الحريات ) ، المركز الوطني لحقوق الإنسان يمثل الجهة المستقلة المعنية بالحفاظ على ما أشار إليه الملك ، إذاً ، الرسالة واضحة لمن يحاول إجهاض هذه التجربة أو محاصرتها ، والمطلوب فتح كافة اللواقط  لاستقبالها وتنفيذها،  أول ما يتوجب عليه أن يفعل ذلك هو مجلس أمناء المركز ، ثم إدارات الدولة المعنية ،  ثم النخب السياسية والقانونية التي يفترض أن تشكل  عامل ضاغط في ملف حقوق الإنسان ، وفي استعادة دور المركز أيضا.

 كل ما أتمناه أن تتعافى هذه المؤسسة،  وان تتحرك ، كما كانت في بداية تأسيسها ، ناطقة باسم الضمير الوطني ، لخدمة بلدنا ، فنحن أحوج ما نكون إليها في هذا الوقت الذي نعوّل فيه على الإنسان الأردني أن يتعافى هو الآخر مما أصابه من اختناقات ،  ليباشر دوره الحقيقي في البناء الوطني ، ومواجهة ما نتعرض له من عاديات.