خبراء: التغير المناخي يهدد القطاعات الإستراتيجية في الأردن
يعاني الأردن من ندرة الموارد الطبيعية لذلك أصبح الإعتماد على الواردات أكبر، ما يعني أن آثار التغير المناخي أصبحت واضحة.
وأوضح البنك الدولي في تقرير المناخ والتنمية الخاص بالأردن، الذي دشنه في السابع من ديسمبر العام الماضي أن التكيف مع تغير المناخ هو أولوية إنمائية ملحة، كما أن الأداة التشخيصية الجديدة للبنك الدولي، وهي التقرير القُطْرِي للمناخ والتنمية، يبحث في الروابط بين المناخ والتنمية، وتحديد الإجراءات ذات الأولوية لبناء القدرة على الصمود وتقليل انبعاثات الكربون، مع دعم النمو الاقتصادي والحد من الفقر.
ويشير التقرير إلى أن مسار الأردن في تحقيق أهدافه المناخية والتنموية سيتحدد إلى حد كبير من خلال خيارات السياسة العامة والإستثمار في خمس قطاعات استراتيجية وهي ( المياه والطاقة والزراعة والنقل والتنمية الحضرية, ويجب أن يتم ذلك بشكل وثيق للتحول نحو مسار قادر على الصمود ومنخفض الكربون، وذلك لتحقيق أقصى قدر من المنافع المشتركة وتقليل الآثار الإجتماعية والإقتصادية السلبية المحتملة في مجال المياه والطاقة والأمن الغذائي.
وأوضح التقرير أن الندرة الشديدة في مصادر المياه والإحتياجات الملحة، والعلاقة بين الجانب الحضري والنقل والطاقة، والتي هي في صميم التحول نحو مسار نمو منخفض الكربون. كما سيحتاج الأردن إلى استخدام مجموعة من السبل لحشد التمويل للعمل المناخي ذو الأولوية.
ناصر الشريدة، نائب رئيس الوزراء للشؤون الإقتصادية ووزير الدولة لتحديث القطاع العام قال إن تغير المناخ يؤثر بالفعل على بلادنا وبشكل كبير، لذا تضع رؤية التحديث الإقتصادي الجديدة الممارسات المستدامة والإستثمارات الخضراء ركيزتين محوريتين لنمو الإقتصاد الأردني في المستقبل، كما توليهما أهمية بالغة للإرتقاء بنوعية الحياة في البلاد.
من جهتة قال الخبير البيئي باتر وردم لـ صحيفة "أخبار الأردن" أن تأثيرات تغير المناخ على الموارد المائية في الأردن واضحة بالفعل، وتؤكده التنبؤات التي قدمتها نماذج المناخ المستقبلية قبل بضع سنوات.
وأوضح أن هناك ثلاث طرق تؤثر على المناخ أبرزها قلة إجمالي الهطول المطري خلال فصل الشتاء وكذلك الحالات المتزايدة من الأمطار الغزيرة خلال فترات زمنية قصيرة والتي تسبب فيضانات مفاجئة في المناطق الحضرية والريفية.
وأضاف وردم أن تغير توزيع هطول الأمطار أيضًا مع زيادة الهطول بشكل متكرر في المناطق الجنوبية والشرقية مقارنة بالمناطق الغربية والوسطى لها لها تأثير سلبي كبير، بالإضافة إلى أنها تؤدي لزيادة موجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وبالتالي تبخر المسطحات المائية مثل الأنهار والسدود.
أما من الناحية الإقتصادية قال المختص بالإقتصاد السياسي زيان زوانه لأخبار الأردن إن للتغير المناخي تأثير مباشر على الإقتصاد العالمي كما الإقتصاد الأردني، وهذا يتطلب من الحكومة تبني سياسات اقتصادية تواكب التحولات العالميه، والاقتصادية والسياسية والجيوسياسية والمناخية، مشيرا الى ان ضعف الموسم المطري، حتى الآن يشكل ضغطا على قطاع الزراعه ، بينما ينعش قطاع السياحة الداخلية والخارجية بشمس شتائنا الدافئه، ويرفع من قيمة الطاقة المتجددة وديناميكية تطوراتها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، وعلى الحكومة أن تتنبه لهذه التأثيرات بأشكالها العامة والقطاعية الجزئية لكي تتبنى السياسات الملائمة التي تحقق لنا مكاسب في الزوايا المتأثرة سلبا وتعظيم العوائد في الزوايا التي تتاثر إيجابًا، وتطبيقا للامثلة المذكورة، ما يعني إدارة أفضل لقطاعي المياه من خلال تقليل الفاقد وحصاد الماء، والزراعة والطاقة المتجدده من خلال الإعتماد على التكنولوجيا الحديثه الموفره للماء.
وأضاف: "لتخفيف وطأة التغير المناخي والإستعداد علينا التحرك نحو تشجيع الحركة السياحية بتنفيذ نهضة حزمية وخدمية وترويجية خاصة في المواقع الشمسية الدافئه مثل وادي رم والعقبة والبتراء والبحر الميت وبدون ذلك سنكون ضحايا مثل بعض دول العالم إذ لم يستعدوا للتغيرات ومواكبتها، وألقوا بالمسؤولية على الغير، سواء كان قلة المطر أو قلة المساعدات الدولية وغير ذلك من سياسات الفشل التي تتبناها الحكومة بعزم وإصرار.
رئيس جمعية تجار ومنتجي المدخلات الزراعية لؤي بيبرس قال لأخبار الأردن إن التغير المناخي هو نتيجة لممارسات الإنسان الخاطئة في الإستخدام المفرط للوقود وهدر للموارد الطبيعية دون حساب وإخلال في الموارد البيئية مما أدى إلى الإحتباس الحراري وذلك بدوره أدى الى ارتفاع درجات الحرارة صيفا وحدوث ظواهر طبيعية تأخذ طابع التطرف.
وأضاف أن الإستخدام المكثف والتوسع في الزراعة العمودية وعدم اتباع الممارسات الزراعية السليمة سبب اختلالا في توازن الكائنات الحية والكائنات الحية الدقيقة تحت الأرض، مما أدى إلى إضعاف قدرة الأرض على الإنتاج.
وأضاف بيبرس أن الإنسان يقوم بالتدخل بطريقة غير صديقة للبيئة وبالتالي تصبح الأرض غير قابلة للإنتاج ما لم يتم معالجتها حيويا أو بيولوجيا وهذا أمر في غاية الخطورة.
وأوضح أيضا أن الممارسات الزراعية الحديثة (استخدام الأسمدة مثلا) وجدت لمناطق ذات أمطار ورطوبة عالية ومعدلات هطول مرتفعة وموارد مائية غير محدودة لذلك فإن الاستخدام المكثف للأسمدة في المناطق الجافة يزيد الأمر سوءا وتصبح الأرض غير قادرة على الإنتاج الزراعي وهذا يهدد الأمن الغذائي للإنسان.
وأوضح بيبرس أن ما ينطبق على الأسمده ينطبق كذلك على المبيدات الحشرية التي تعتبر أشد خطرا وبمراحل كبيرة، مؤكدا أن استخدام المبيدات أثبت وبالدليل القاطع أنها تدمر البيئة، فقد كنا في السابق نتعامل مع جزء بسيط من المشكلة دون النظر إلى المشكلة ككل مقدمين الأولوية لحماية النبات من الحشرات لكن الأمر كان أكثر تعقيدا، فهذا النوع من المكافحة يسبب مشاكل كبيرة في التوازن البيئي أبرزها التغير المناخي بالإضافة إلى التعدي على الجائر المياه الجوفية واستخدامها في تهور لأن الإنسان لا يريد أن يتنازل عن رفاهيته.