"قَولٌ على قَول": في أولويات الاقتصاد الاردني!
د.رعـد محمـود التـل
قسم الاقتصاد – الجامعة الاردنية
تلقيت عدداً من التعليقات المهمه حول المقال الأخير الذي كتبته بهذه الزاويه والذي حمل عنوان " ملفات العام الحالي: الطاقة والغذاء والدين العام"! مجمل تلك التعليقات حول ملفات أخرى غاية في الأهميه طبعاً وتمثل تحدياً حقيقياً مثل الاصلاح الاداري ومكافحة الفساد وغيرها من الملفات المهمه! ولعل أبرز تلك التعليقات الوارده ما أشار له معالي الدكتور بسام الساكت حول ملفات أخرى بالإضافة إلا ما تم ذكره، قد تشكل في مجلمها أولوية إقتصادية ضاغطة خلال العام الحالي والأعوام المقبله اذا لم تكن هناك "سناريوهات تحوط" واضحه وخيارات مدروسة بعناية!
يقول الدكتور الساكت في تعليقه "وأضيف الى ملفات الطاقة والغذاء والدين العام، ملفات قطاع المياه والنقل (إستثمار وحلول للنقل الجماعي وأزمة الطرق) ومراجعة كلف الإئتمان المصرفي، عندئذ ربما تتم الحلقة الاولوية للاهتمام . بالطبع هناك ما هو عالق مجيّر من الاولويات! وتحتاج كل أولوية ذكرت إلى تحديد مشاريع وقرارات فيها. فمثلا معالجة كلفة وتسعير الطاقة والمياه ومكوناتها، ناهيك عن معالجة جانب زيادة العرض منها". ويضيف الدكتور الساكت في تعليقه مُتسائِلً "أليس مهماً أن نضع سياسة تشجيعية لإنتاج الطاقة المتجددة بدلاً من الحالية المُعاقِبة للمستثمر فيها؟ أليس مهما أن نولد الطاقة البديلة الرخيصة لأهل الريف والمزارعين والمنتجين (قسطاً من فلس الريف) والبادية والفقراء؟" إنتهى الاقتباس.
كل ماذكر هو غايه في الأهميه، فتحديد الأولويات والمخاطر ووضع السناريوهات في الأمد القصير والمتوسط والطويل سيجنبنا القرار العشوائي ويقلل من هامش الخطىء والخطورة والضرر والأثر! وهذا ما لم تغفله رؤية التحديث الاقتصادي والتي قللت من هامش الاجتهاد لأي مسؤول! ففي الرؤية الاطار والعنوان للاقتصاد الاردني، أي القطاعات الواعده ذات القيمة المضافة العالية والمرشحه للنمو بتسارع وذات الأثر الملوس على خلق فرص العمل، وأي القطاعات المتباطئه ذات القيمة الأقل!
ما هي المشاريع التي يجب تنفيذها إذن؟ هي تلك المشاريع التي أشارت إليها الخطة التنفيذية للرؤية الاقتصاديه والتي أطلقتها الحكومة مؤخراً، وهي ما أسمته الحكومة بأولويات (2023 - 2025 (والتي بينت فيها طبيعة وشكل تلك المشاريع وأماكنها وكلفها المتوقعه! بالتالي ومجدداً نحن اليوم نحتكم لآلية عمل واضحة وبعمل نتمنى أن يكون مؤسسي ومستمر، وما يجب التركيز عليه الان هو كيفية تمويل تلك المشاريع التي تعجز عن تمويلها الحكومة! أحد اهم أبواب التمويل هو الصناديق الاستمارية السيادية الاقليمية والعالميه والتي تمول أي مشروع اذا ما اقتنعت بجدواه اقتصادياً. كما أن الشراكة مع القطاع الخاص هي الأساس سواء المحلي أو الأجنبي وهناك شواهد حاضرة ناجحه في هذا السياق كمطار الملكة علياء الدولي والذي يعمل بنظام (B.O.T) وهي إتفاقية بناء وإعادة تأهيل وتشغيل ونقل للملكية لمدة 25 سنة بين الحكومة الأردنية ومجموعة المطار الدولي تحتفظ بموجبها الحكومة الأردنية بملكية المطار وتتلقى أكثر من نصف الإيرادات طيلة مدة العقد.
هذا ما نتمنى رؤيته في ملفات ومشاريع الطاقة وتقليل كلفتها والمياه والنقل ووضع سناريوهات مختلفة للأزمات المتوقعه في الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الفائدة عالمياً وهو جهد يقع مباشرة على الحكومة وعلى الفريق الاقتصادي بالأخص في ترويج وجذب الراغبين في الاستثمار بكل تلك الفرص الواعده في الاردن!