الدبلوماسية الأردنية تتحرك لمواجهة "نتنياهو"
حسين الرواشدة
كيف تتحرك الدبلوماسية الأردنية في ملف القضية الفلسطينية و تداعياتها ؟ أولا، الإجابات ليست من عندي، فهي حصيلة معلومات ولقاءات مع أطراف رسمية ، ثانيا ،يبدو أن الأردن في التعامل مع إسرائيل ، أصبح يفكر جديا بتجاوز خياري"التكيّف والانتظار " ، نحو خيار المواجهة المحسوبة سياسيا .
ثالثا ، يجب أن لا يتوقع احد من الأردن أكثر مما يستطيع ، فهو مسؤول عما يمكن أن يفعله وينجزه في سياق إمكانياته ، لتقليل ما أمكن من خسائر ، اما النتيجة فتتحمل مسؤوليتها جميع الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية ، رابعا ، في حال تطورت الأحداث نحو الأسوأ من جهة " تل ابيب" سيفعل الأردن كل ما يجب عليه أن يفعله للدفاع عن مصالحه العليا ، وهو مستعد لذلك ، ولديه من الأوراق السياسية وغيرها ما يجعله قادرا على ذلك .
في التفاصيل ، الأردن يشعر بمزيد من القلق مما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، سواء من جهة "التطرف الأكبر " الذي تمثله الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو ، وما تمارسه من انتهاكات ضد الفلسطينيين ، ثم من جهة ارتدادات ذلك على صعيد تهديد المصالح الحيوية للدولة الأردنية .
صحيح للأردن تجربة طويلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي ، لكنه يدرك أن المرحلة القادمة ستكون مختلفة لأسباب متعددة ، منها تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية ، عالميا وعربيا ، وهشاشة وضع السلطة الفلسطينية ، وهواجس ما بعدها ، ثم وجود فرصة لليمين الإسرائيلي لتنفيذ مشروعه على أساس فرض الأمر الواقع ، ليس بالضرورة تجاه القدس أولا ، وإنما باتجاه التوسع الاستيطاني ، وهو ما يفكر به نتنياهو ، تحديدا ، للهروب مؤقتا من الإدانات الدولية .
في التفاصيل ، أيضا ، لا يستطيع الأردن الرسمي أن يتحرك ويؤثر إذا لم يكن حاضرا على الطاولة ، ما يعني أن اللقاءات بين المسؤولين الأردنيين والإسرائيليين ستستمر ، وربما بكثافة اكبر ، لكن هذا الحضور او المشاركة سيكون محددا وفقا لاعتبارات مدروسة ، فالاردن، مثلا ،لم يحسم قراره بالمشاركة في اجتماعات "النقب 2"حتى الآن ، بانتظار مشاركة الطرف الفلسطيني ، كما أن اتفاقياته مع تل أبيب (المياه والغاز وغيرها) ستستمر ، ما لم يحدث طارىء يستوجب إعادة النظر فيها ، فيما تبقى اوراق القوة الناعمة ، الدبلوماسية وغيرها ، معلّقة بانتظار الحاجة إليها ، وستكون قابلة للاستخدام إذا استوجب الأمر .
السؤال عن "الخيار الأردني" ، أو فيما إذا كان الأردن يريد الضفة الغربية ، بأي شكل ، او ان إسرائيل ( او غيرها) طرحت الموضوع للنقاش ، كل هذا لم يحصل، وغير وارد على الإطلاق ، الموقف الأردني ما زال على حل الدولتين ، ولا يقبل بأي نقاش قبل ذلك حول أي صيغة ، لأن قبوله سيصب بخدمة المحتل أولا، ويلغي الحق والحلم الفلسطيني ثانيا ، كما أنه سيضر بالمصالح الأردنية ، وحدها " تل ابيب" ستظل تتحمل كلفة احتلالها ، وستدفع ثمن أزماتها الداخلية ، ولا يمكن للأردن او الفلسطينيين أن يساعدوها في تجاوز ذلك .
هل ستذهب حكومة تل أبيب بعيدا في استهداف الأردن ؟ ربما ، لكن إذا حصل ذلك ، كيف سيكون الرد اردنيا؟ الإجابة : كل الخيارات السياسية وغيرها متاحة ومطروحة ، الملك قال ذلك بوضوح ، ومن المرجح أن يبدأ ،خلال الأيام القادمة ، جولة في عدة عواصم عربية ودولية (منها واشنطن ) ، لوضع الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية ، و التحولات التي تجرى عليها ، أمام دوائر صناعة القرار ، والرأي العام الدولي ، الاردن يراهن على موقف امريكي واضح ، وعلى تحشيد مواقف دولية ( اوربية تحديدا) ضد الحكومة اليمينة المتطرفة ، على اعتبار أن الخطر القادم من إسرائيل يشكل تهديدا للسلم الإقليمي والعالمي ، ثم للتأكيد على أن الدور الأردني سيظل فاعلا أساسيا لمواجهة هذا الخطر .
هل يكفي ذلك ، وهل يستطيع الأردن وحده مواجهة المشروع الصهيوني ، ولماذا لا يتحرك الفلسطينيون لطي صفحة خلافاتهم أولا ، وإطلاق طاقاتهم لمقاومة الاحتلال ثانيا ، ثم ما موقف نحو 56 دولة عربية وإسلامية مما يجري لقضيتهم التي كانت مركزية ، و أصبحت على ما يبدو هامشية ؟ اترك التعليق والإجابة للقارئ الكريم.