شنيكات: التوجيهي يجب أن يبقى تحت سلطة وزارة التربية والتعليم
علّق رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات على بعض ما يتناوله الإعلام في إصلاح التوجيهي، وكذلك عودة العنف الجامعي والذي عاد ليطل برأسه.
وقال شنيكات: "في البداية أعترف أنني غير مختص في المناهج، لكن لدي تجربة في التعليم والتدريس عمرها حالياً ١٧ عاما شملت ٧ جامعات حكومية وخاصة".
وأضاف: "وأنا أبدي تعليقي، فإنني أقدر كافة الجهود المبذولة في التطوير والتحديث، ومؤمن بالنوايا الحسنة، ولدي وجهة نظر مغايرة، وأزعم أن قراءتي لما يحدث في نظامنا التعليمي تستحق الاطلاع عليها، وأنا أقدم هذا التعليق فإنه ليس لدي هدف إلا ما يمليه علي واجبي تجاه الأردن، ومن باب أنه من الضروري أن يكون لدى صانع القرار كافة الرؤى، حتى يميز الغث من السمين".
وتاليا نص مقترح شنيكات:
"سأتناول الموضوع على النحو الآتي
١- شكل التعليم مصدراً للتغيير والتطوير في الأردن، والثروة، وكان خريجو الأردن يعملون في الخارج وبشكل خاص في دول الخليج العربي، وينظر لهم بإعجاب واحترام.
٢- كانوا هؤلاء نتاج لنظام تعليمي جيد، وكان التوجيهي جوهر هذا النظام التعليمي، فقد حقق نجاحا أكثر من متميز، فخريجو هذا النظام سواء في الداخل أو الخارج أثبتوا موجودية عالية في كافة المجالات، وكانوا مثار إعجاب كل المؤسسات التي عملوا فيها.
٣- في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، تم حذف أجزاء من منهاج التوجيهي، ومع ذلك بقي التوجيهي متماسكاً وعليه إجماع.
٤- في التسعينيات دخل التعليم الخاص بقوة على التعليم ما قبل الجامعة وما بعده، وهنا زادت الانتقادات للتوجيهي بشكل خاص من الأهالي وخلال هذه المرحلة كان النقد على الصدمة التي تعرض لها الأهالي وأبناؤهم بأن أبناءنا ظلموا في التوجيهي، وهذا يعود إلى أن معدلاتهم في ما قبل التوجيهي مرتفعة جداً في المدارس، ولكنها متدنية في امتحان الثانوية العامة، وأرى السبب أن المدارس الخاصة لم تكن صادقة ولا مؤتمنة في تقييم الطلبة بالشكل الصحيح وبنسبة تصل إلى ٨٠%.
على أية حال، واجه التوجيهي أزمة حقيقية إذ تعرض إلى نقد عارم، ومن أهم الانتقادات أنه:
أ. إنه نظام غير عادل لأنه يقرر مستقبل الطالب بامتحان، وكان هذا النقد كبيرا من قبل الطلبة وأولياء أمورهم، وأصبحوا هم الأغلبية بحكم تراجع المستوى التعليمي للطلبة ما قبل التوجيهي، ويبدو لي أن التدريس ما قبل التوجيهي كان في تراجع حقيقي، لدرجة أن التوجيهي أصبح عقبة أمام الطلبة وهذا السبب الحقيقي لما تعرض له التوجيهي، وقد تم تجاوز عقبة التوجيهي لاحقاً بالحصول على توجيهي من السودان وتركيا، ولم يكن حتماً على مستوى الجودة، وأما التجاوز الآخر الذي واجه التوجيهي، فهو من الجامعات الخاصة، حيث تم تخفيض القبول في الجامعات الخاصة، ويعني ضمنا أن التوجيهي لم يعد حاسماً في تقرير الدخول للجامعة، وأصبح هناك نقد لاقى قبولا وهو يجب أن لا يقف معدل التوجيهي عقبة أمام دخول الطلبة للجامعة، وأن التعليم حق للجميع.
كل هذا يتناقض مع جوهر التعليم منذ أفلاطون أن التعليم مبني على التفوق والتميز، وليس على رأي المثل المصري إللي يحب النبي يزق(أي يدفش باللهجة الأردنية).
ب- النقد الثاني، كان صعوبة الأسئلة، وهل هي من خارج الكتاب أم من داخله، ومن وجهة نظري أن هذا يعكس تراجع التعليم، بل الأكثر غرابة حينما ترد وزارة التربية والتعليم بأن جميع الأسئلة من المنهاج، والأكثر صعوبة تكون هذه الإجابة في عصر الثورة المعلوماتية والعالم المفتوح.
٥- ما بعد ٢٠٠٧ انتشر الغش وظهر الضعف على مستوى الطلبة ووصل الطلبة إلى الجامعات، وأتذكر أن بعض الطلبة ممن درستهم لم يكن يجيد حتى كتابة الإملاء، وظهر العنف الجامعي في أبشع صوره، وكانت النتيجة مقتل أحد الطلبة من قبل زميله في إحدى الجامعات الحكومية في ٢٠١٣ إن لم تخن الذاكرة.
٦- انتبهت الدولة لذلك، تولى الدكتور محمد ذنيبات وزارة التربية والتعليم في الفترة الواقعة بين ٢٠١٢- ٢٠١٦، وقرر مواجهة الغش، وكان يتحدث عن إعادة التوجيهي بالشكل الذي خرج أجيال على مستوى من الكفاءة، وأن الإصلاح يبدأ من داخل التوجيهي وليس من خارجه، وإعادة ضبط الامتحان، وظهر التغير واضحاً في المخرجات التوجيهي، تراجع العنف الجامعي بشكل كبير مع تغير مخرجات التوجيهي، بل توقف بشكل كلي في تلك الفترة.
وللوزير نفسه فيديوهات متعددة حول تردي مخرجات التعليم الجامعي، معلقا على امتحان أجرته وزارة التربية والتعليم للتعيين حينما لم يميز المتقدمين بين السورة المدنية والمكية في تخصص الشريعة، وأن النجاح كان شبه معدوم بين المتقدمين.
لكن ما الحل؟، والتعليم هو المحرك للتقدم والتطور في هذا العصر.
أعتقد أن وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الأستاذ الدكتور عزمي محافظة قارئ جيد، وعقله وقلبه مفتوح ويستمع لكل الآراء، وليسمح لي بأن أهمس له بهذه الملاحظات:
١- أعتقد أن المطلوب هو تقوية مرحلة ما قبل التوجيهي حتى حينما يصل الطالب إلى التوجيهي تصبح الأمور له أقل من عادي.
١- أن تقوية التوجيهي تصب في مصلحة الجامعات، وبالتالي لا بد من إبقاء سلطة وإدارة وزارة التربية والتعليم عليه، واعتماده بوصفه الوحيد للقبول الجامعي، وبوصف امتحان الثانوية العامة الأداة الأكثر موضوعية وعدالة والبعيدة عن أي تدخل وتلاعب أيضاً.
٢- إدخال كل التطورات وبشكل خاص في العلوم العلمية والتكنولوجية حتى تبقى أجيالنا على معرفة وعلم بها، وهذا لا يشمل التوجيهي وإنما المراحل التي تسبقه، وحتى نبقى جزءا من هذا العالم.
٣- لا بد من تطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس في المدارس وقدراتهم، وهي جزء من عملية نسميها التعليم المستمر، سواء بدورات أو برامج تدريب، وذلك لضمان بأن مخرجات التعليم الثانوي تؤتي أكلها.
٤- لا بد من نظرة جديدة لتراثنا وتاريخنا، وأقصد إعادة قراءة التراث والدين وربطه بالحداثة والتقدم وأن يوضع ذلك في مناهجنا، وأعتقد أن هذا الموضوع على درجة عالية من الأهمية لأن التراجع الذي تعانيه الأمة العربية ككل يرجع لعدم حل معضلة العلاقة بين التراث والتقدم.
٥- أعتقد أن التعليم التقني بحاجة لثورة حقيقية، ويجب أن تشرع الدولة بالتوسع به منذ الصف العاشر بغير الطريقة الحالية المعمول بها حاليا، والتي لم تحقق الآمال المطلوبة، والأفضل الاستفادة من تجربة كوريا الجنوبية والألمانية، لأن التعليم التقني إذا ما أحسن إدارته سيكون محرك الاقتصاد والتطور في الأردن".