عبد السلام المجالي.. أحد أبرز "رجال الدولة" يرحل بإرث سياسي جدلي

يرحل عبد السلام المجالي عن عمر 98 عاما، وهو الذي يعد بنظر الكثير من الأردنيين، وليس ممن يطلق عليهم اعتباطا أو مجاملة بـ"رجال دولة"، فهو صاحب مسيرة عطاء طويلة في مراكز صنع القرار في الدولة وفي أحداث استثنائية وحساسة، جعلته في المقابل محط سخط وانتقاد.

وللفقيد "أبو سامر" المولود في الكرك، 14 أخا وأختا، منهم رئيس مجلس النواب السابق عبد الهادي المجالي الذي توفي قبل عامين، وهو أول طبيب أردني يدخل الجيش، وأول أردني عسكري يتخصص بالأنف والأذن والحنجرة، وأول منشئ لنظام التأمين الصحي لأُسَر الجيش، وأول من أدخل نظام الساعات المعتمدة في الجامعة الأردنية، وأول طبيب يرأس الجامعة الأردنية.
  
كما أن المجالي، حاصل على وسام الاستقلال الأردني من الدرجة الأولى والثانية ووسام النهضة ووسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى والثانية، والعديد من الأوسمة العالمية، وشغل منصب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع بين عامي 1993 و1995، ورئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع عامي 1997 و1998.

كما شغل عدة مناصب بارزة أخرى، منها وزير الصحة ووزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء ووزير التربية والتعليم، ومستشار جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال، وعضو مجلس الأعيان لأكثر من مرة، ورئيس الجامعة الأردنية، ومدير عام المؤسسة الطبية العلاجية.

مسيرة الرجل في المناصب، وما أعقبها من حضوره كـ"مرجعية وبيت خبرة سياسية"، جعله "قامة وطنية"، لكن هذا لا يلغي "الشائك والجدلي" في مسيرته وأبرزه توليه رئاسة الوفد الأردني لمباحثات السلام حول الشرق الأوسط (اتفاقية وادي عربة) قبل 29 عاما، التي لم تشفع الرواية الرسمية حول المبررات والضرورات لتوقيع الاتفاقية، في خلق حالة قبول شعبي لها، إذ إن الاتفاقية والقائمين عليها محط رفض وانتقاد لاذع حتى يومنا هذا. 

فالمجالي دافع باستمرار عن اتفاقية وادي عربة وقال في إحدى الندوات إن "السلام أعاد للأردن كامل حقوقه، كما أنهى مخاوف الوطن البديل، وأعاد الأراضي الأردنية، والمياه، ورسم الحدود مع فلسطين وإسرائيل، وأنعش الاقتصاد الأردني".

واعتبر أنّ الطرفين (الأردن وإسرائيل) استفادا من السلام، موضحاً أن "السلام ليس الحرب، في الحرب يوجد رابح وخاسر، في السلام يجب أن يربح الطرفان، والأرباح التي حققها الأردن كانت مادية تتمثل باستعادة الأرض والمياه، وإنعاش الاقتصاد، أمّا أرباح إسرائيل فكانت معنوية، انفتاحاً وتجارة"، ولخّص الأمر بـ"كسب مقابل كسب".

وبالنسبة إلى المخاوف من الوطن البديل، قال المجالي "إذا انتهى أملنا بعد عشرين سنة بعودة حيفا ويافا، يكون قد انتهى الخوف من تحويل الأردن إلى وطن بديل"، لافتاً إلى أنّ "الوطن البديل كان يعني إزالة النظام، وإقامة جمهورية فلسطينية في الأردن، يأتي إليها جميع الفلسطينيين". 
 
ومن المآخذ التي ظل يرويها سياسيون على المجالي في فترات بروزه في السلطة، توصيته بحل البرلمان الحادي عشر وسن قانون الصوت الواحد، وإصدار قانون مؤقت تم بموجبه إغلاق الصحف الأسبوعية قبل أن يلغي القضاء هذه الخطوة. 

يرحل "أبو سامر" بما له وما عليه، كواحد من أبرز الشخصيات الأردنية السياسية، لينضم إلى قائمة نخب وطنية سبقته للرحيل وظلت حاضرة بسيرتها ومسيرتها وأثرها وتأثيرها.