قانون تنظيم مهنة المحاسبة القانونية
تعتبر جمعية المحاسبين القانونيين الأردنية والتي تأسست عام 1987 بأنها الخلف القانوني لجمعية المدققين وهي الجهة القانونية المخولة بالاحتفاظ بسجلات المزاولين لمهنة المحاسبين القانونين كما انها ذراع الهيئة العليا للمهنة بحيث يحظر القانون المؤقت رقم 73 لسنة 2003 في مادته الحادية والعشرين على اي شخص غير مدرج في سجلات الجمعية المتعلقة بالمزاولين ان يقوم بأعمال تدقيق الحسابات للشركات المساهمة العامة والمساهمة الخاصة وذات المسؤولية المحدودة والتوصية بالأسهم، كما يمتد الحظر الى حسابات النقابات والاندية والجمعيات اضافة الى الشركات او المؤسسات التي ينطبق عليها حد التسجيل للضريبة العامة على المبيعات، غير انه من المفيد الاشارة الى ان مهمة الاحتفاظ بسجلات المزاولين كانت قبل ذلك من صلاحيات ديوان المحاسبة بموجب القانون الدائم رقم 10 الصادر عام 1961 والذي كان يعتمد الاجازة استناداً الى المؤهلات العملية دون عقد امتحان، ما يعني انه تمت إجازة بعض المحاسبين استناداً الى خبرتهم العملية دون ان يكونوا حاصلين على شهادة الثانوية العامة.
وعلى الرغم من ان عدد الشركات والمؤسسات والجمعيات والنقابات الملزمة باختيار مدقق حسابات قانوني يتجاوز 20 ألف، إلا أن عدد اعضاء الجمعية المزاولين لمهنة التدقيق لم يتجاوز الـ600 عضو، إلا بنيف، وهو ما يبرر شكوى من يدعو الى تخفيف قيود اجازة مزاولة المهنة، فكيف ينجز 620 مدققاً حسابات 20 ألف شركة ومؤسسة؟ ويعزز هذا الطرح أن نسبة النجاح في الامتحان الذي تجريه لجنة الترخيص هي في حدودها الدنيا، بل ان هناك ثمة شكاوى من العاملين بهذه المهنة بخصوص طبيعة الامتحان الذي تجريه واقعيا الجمعية نيابة عن الهيئة العليا.
بالواقع العملي يقوم المدقق المجاز بتدقيق ملفات العملاء من خلال عدد من المدققين لديه من غير المجازين، ولكن تقرير التدقيق النهائي يصدر ممهورا بتوقيع وخاتم المدقق المجاز والذي يكون في العادة مالكاً لمكتب التدقيق.
تعقيد الامر يمتد الى المادة 30-ب والتي تلزم الشركات المساهمة العامة والمساهمة الخاصة والشركات ذات المسؤولية المحدودة التي يتجاوز حجم مبيعاتها السنوية مليون دينار بتعيين محاسب قانوني مجاز في اي وظيفة رئيسية تتعلق بأعمال المحاسبة وهو ما يبدو مستحيلاً من الناحية العملية وغير قابل للتطبيق في ظل وجود عدد قليل من المجازين، بمعنى ان هذه المادة من القانون معطلة.
كل هذه الملاحظات حاضرة امام اللجنة القانونية التي تنظر حالياً في القانون المؤقت الذي صدر عام 2003 بعد ان خاطبت الحكومة مجلس النواب بضرورة وضع القانون ضمن الاولويات ومنحه صفة الاستعجال بموجب كتاب صادر عن رئيس الهيئة العليا لمهنة المحاسبة القانونية فليس معقولاً ان تنظم هذه المهنة بموجب قانون مؤقت لمدة تقارب العشرين سنة، ومن هنا بدأت اللجنة النيابية حواراتها مشفوعة بمجموعة من المقترحات التي حطت على طاولتها مستهدفة تخفيف شروط الحصول على اجازة المزاولة وزيادة عدد المدققين بهدف تلبية احتياجات الشركات والمؤسسات المتزايدة، اضافة الى وضع معايير لضمان تنظيم المهنة وجودة عملية التدقيق وحياد واستقلالية الامتحان الذي تجريه لجنة ترخيص المهنة.
ولكن في المقابل ينبغي ان ندرك اهمية التدقيق باعتباره تقريراً ماليا مهماً يصف حالة الشركة او المؤسسة او الجمعية امام الهيئة العامة وامام المساهمين او الراغبين في المساهمة والجهات الدائنة، كما ان هذا التقرير يبين حقوق المساهمين والمطلوبات والمخاطر التي تتعرض لها هذه الشركات ما ينعكس ايجابا او سلبا على سعر السهم وتقييم الشركة واستمراريتها وكفاءتها المالية، كما ينبغي ان ندرك ايضاً ان المؤهلات الاكاديمية – على اهميتها- غير كافية للقيام بمهمة التدقيق على اتم وجه فاختيار العينات والاختبارات واسس التدقيق تخصع لمعايير المراجعة المالية والتي تتغير تبعاً للمعايير الدولية الصادرة عن الاتحاد الدولي للمحاسبين IFAC وفي الغالب يتم اكتسابها من خلال التدريب والممارسة مما يعني اهمية خضوع المتقدم لطلب الاجازة الى تقييم عادل من جهة محايدة لا ترتبط بأي مصلحة في نسب النجاح من غيره.
يفترض في تعديلات اللجنة القانونية النيابية التي نثق برئيسها واعضائها ان تراعي الحقوق المكتسبة للمحاسبين المجازين وينبغي ايضا ان توازن تعديلاتها بين حاجة السوق لوجود عدد اكثر من المدققين المجازين وبين المحافظة على جودة مهنة التدقيق وضمان مصداقية البيانات المالية وكل ذلك يستدعي حوراً مع اصحاب العلاقة يفضي الى صيغة متوازنة.