العلاقة السعودية الصينية.. بكين تتطلع لهدفين أساسيين من الرياض
استضاف ولي عهد السعودي محمد بن سلمان الأسبوع الماضي سلسلة من الاجتماعات في الرياض مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بحضور قادة دول عربية، فما هي أولويات بكين من وراء هذا التوجه.
يقول الباحث سيمون واتكينز، في تحليل نشره موقع Oil Price "في هذه الاجتماعات، كانت الموضوعات الرئيسية للمحادثة هي إبرام اتفاقية تجارة حرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، وإقامة تعاون استراتيجي أعمق في منطقة تظهر فيها الهيمنة الأميركية علامات تراجع".
وفي اجتماعات الأسبوع الماضي، وقعت بكين والرياض اتفاقات شاملة، في مجالات التمويل والاستثمار والابتكار والعلوم والتكنولوجيا والفضاء والنفط والغاز، والطاقة المتجددة، واللغة والثقافة.
لكن اللافت، وفق التحليل، أن الاجتماع تمخض أيضا عن اتفاقين، أولهما الانتقال إلى استخدام العملة الصينية، الرنمينبي، في صفقات النفط والغاز التي تتم بين دول مجلس التعاون والصين، وجلب التكنولوجيا النووية (المتعلقة بتوليد الطاقة فقط إلى البلدان المستهدفة)، بدءا من السعودية.
واعتبر الكاتب إن الابتعاد عن التسعير الأساسي بالدولار الأميركي كان "أولوية ملحة" لشي.
ويقول إنه "كان هناك مؤشر مبكر على طموح الصين للرنمينبي واضحا في قمة مجموعة العشرين في لندن في أبريل 2010، عندما أشار تشو شياو تشوان، محافظ بنك الشعب الصيني آنذاك، إلى فكرة أن الصينيين يريدون عملة احتياطية عالمية جديدة لتحل محل الدولار الأميركي في مرحلة ما.
وأضاف أن إدراج الرنمينبي في مزيج الأصول الاحتياطية لحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي سيكون نقطة انطلاق رئيسية في هذا السياق، وقد حدث ذلك في أكتوبر 2016.
ويقول واتكينز إن الصين تدرك تماما منذ فترة طويلة حقيقة أنها، باعتبارها أكبر مستورد سنوي لإجمالي النفط الخام في العالم منذ عام 2017 وأكبر مستورد صاف في العالم لإجمالي النفط وأنواع الوقود السائل الأخرى في عام 2013، فإنها تخضع لتقلبات السياسة الخارجية الأميركية بشكل عرضي من خلال آلية تسعير النفط للدولار الأميركي.
تم تعزيز هذه النظرة إلى الدولار الأميركي كسلاح بقوة منذ غزو روسيا لأوكرانيا وما صاحبه من عقوبات تقودها الولايات المتحدة والتي تتعلق أشدها - كما هو الحال مع العقوبات المفروضة على إيران من عام 2018 - بالاستبعاد من استخدام الدولار الأميركي.
وقال نائب الرئيس التنفيذي السابق لبنك الصين ، تشانغ يان لينغ ، في خطاب ألقاه في أبريل إن العقوبات الأخيرة ضد روسيا "ستجعل الولايات المتحدة تفقد مصداقيتها وتقوض هيمنة الدولار [الأميركي] على المدى الطويل".
واقترح كذلك أن الصين يجب أن تساعد العالم على "التخلص من هيمنة الدولار عاجلا وليس آجلا".
وبالانتقال إلى ثاني أولويات شي الملحة، وهي جلب التكنولوجيا النووية إلى جامعة الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، بدءا من السعودية، يقول واتكينز إن هناك توقيتا غريبا مرتبطا بالبيان.
وقبل عيد الميلاد في العام الماضي، ظهرت أخبار تفيد بأن وكالات الاستخبارات الأميركية وجدت أن السعودية كانت تصنع صواريخها الباليستية بمساعدة الصين.
وبالنظر إلى "مساعدة" الصين الطويلة الأمد والواسعة النطاق لطموحات إيران النووية، فقد تم تلقي هذه المعلومات بشكل سيء للغاية في واشنطن، وفقا لواتكينز، مع التركيز على ما قد تكون عليه مساع كين في بناء قدرات نووية للدول الرئيسية المتنافسة في الشرق الأوسط.
حاليا، الدولة العربية الوحيدة التي لديها مفاعلات نووية هي دولة الإمارات العربية المتحدة.
وحتى مع وجود الولايات المتحدة المكثف للقواعد العسكرية الضخمة في الإمارات العربية المتحدة وحولها، كانت واشنطن "قلقة للغاية"، كما أخبرت شخصية بارزة في مجمع أمن الطاقة الأميركي حصريا OilPrice.com العام الماضي، عندما وجدت أن الصين كانت تبني منشأة عسكرية سرية في ميناء خليفة الإماراتي وحوله.
واستنادا إلى صور الأقمار الصناعية السرية وبيانات الاستخبارات، ذكر المسؤولون الأميركيون أن الصين تعمل على إنشاء "موطئ قدم عسكري في الإمارات العربية المتحدة".
وذكرت السلطات الإماراتية أنها لم تكن على علم بمثل هذا النشاط الذي تقوم به الصين في أحد أكبر موانئها مع أشهر من المستويات العالية للغاية من حركة السفن الصينية الضخمة داخل وخارج البلاد ليلا ونهارا.
وصرحت السعودية عدة مرات أنها تريد إضافة حوالي 17 جيجاوات من القدرة النووية بحلول عام 2040، وتحقيقا لهذه الغاية، ترغب في تشغيل مفاعلين نوويين بسعة إجمالية تبلغ 3.2 جيجاوات بحلول عام 2030.
وفي السابق، كانت المملكة تجري محادثات للحصول على التكنولوجيا النووية من الولايات المتحدة بموجب بروتوكول "1-2-3".
في تلك المرحلة، أوضحت الولايات المتحدة أنه من أجل أن تتنافس الشركات الأميركية على مشروع السعودية، ستحتاج الرياض إلى توقيع اتفاق بشأن الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية مع واشنطن.
وكان الهدف من بروتوكول "1-2-3" هو الحد من تخصيب اليورانيوم لأغراض التسلح.
ويختم الكاتب التحليل بالقول: "يبقى أن نرى ما إذا كانت الصين ستصر على مثل هذا البروتوكول، أو على الالتزام به" بشأن تكنولوجيا الطاقة النووية.