قطع الطريق وكسب التأييد

د. ريـم مـرايات

‎لا يختلف اثنان حول حق الناس في التعبير السلمي عن الرأي وفي التعبير عن الاحتجاج أو التنفيس عن الغضب , فالاعتصام والتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي دون تعطيل الحياة العامة , كلها أساليب حضارية كفلها الدستور , ومظاهر تحيل إلى الوعي وحسن الانتماء والحرص على المصالح الوطنية والعامة.

‎غير أن ما حدث في الفترة الأخيرة من تطور وتصعيد في التعبير عن الغضب والاحتقان بسبب وضع عام , قد خرج عن الأساليب المقبولة التي يمكن احتمالها , فأن يتم قطع طريق المواطنين المسافرين على أي خط من الخطوط واستخدامهم كوسيلة ضغط لتحقيق المصالح والمطالب وسيلة ترفضها القيم الأصيلة الدينية والأخلاقية والاجتماعية التي يعرفها مجتمعنا واعتاد عليها , خاصة أن المسافرين لم يحتاطوا لذلك وتم فرض الحال عليهم وإيذاؤهم مع عائلاتهم أطفالا ونساء , إذ من المحتمل أن يكون بينهم مرضى وكبار سن ممن لا يقوون على الانتظار الطويل كما حدث للإخوة الذين حجزوا على الطريق الصحراوي في الفترة الأخيرة , فإيذاء الناس وتعطيل حياتهم ترفضه كل الشرائع والأديان السماوية.

‎إن الدفاع عن الحقوق الوطنية والمصالح العامة هو في الأصل دفاع عن القيم العظيمة في العدل والمساواة واحترام حقوق الناس , وأن تخرج الاحتجاجات عما هو مقبول  اجتماعيا يجسد اعتداء على القيم  , إذ مثلما نرفض الاعتداء على المتظاهرين فإننا نرفض بالمقابل الاعتداء على حق الناس في ممارسة حياتهم الطبيعية وقضاء حوائجهم اليومية . خاصة أن هناك وسائل عديدة وكثيرة لكسب التأييد ولفت النظر    دون فرض أو إكراه , وهي أكثر قدرة على إحداث التأثير في الناس وكسب تعاطفهم.

‎قطع الطريق واحتجاز مئات السيارات على الطرق في ظروف غير إنسانية من الأساليب العنيفة التي لا يقرها عاقل ولا يدعو لها صاحب حق يؤمن بالعدالة ويرفض الظلم , لهذا فإنه من الحكمة أن لا تتطور الأمور إلى هذا الحد الذي ينذر بكارثة إذا لم يتم احتواؤه وتداركه.