لماذا تنهار القصة الإخبارية الرسمية بعد 60 دقيقة؟!
علي سعادة
السؤال الذي نصفع به، في كل أزمة وطنية نمر بها، أين يختبئ الإعلام وسط كل ما يحدث، ولماذا ينزوي إلى الظل؟
يوجد لدينا وكالة أنباء رسمية، وتلفزيون وطني، وتلفزيون المملكة، وخمس صحف يومية، ونحو 130 موقعا إلكترونيا، و38 إذاعة، و23 محطة فضائية.
نحو 200 جهة إعلامية محلية، تمتلك الدولة جزءا منها، وتسيطر على الكثير منها، بشكل مباشر أو غير مباشر، وترسل توجيهاتها إليها، على شكل نصائح، أو تعليمات، أو تهديد، أو إغراء، أو "بالمونة"، أو بالعاطفة، أو بالتسريب، حسب توجه تلك الجهة الإعلامية ومالكها ورئيس تحريرها.
ورغم ذلك، لا تستطيع الدولة الاستفادة من كل هذا الزخم في المؤسسات الإعلامية، وعلى العكس تجد نفسها في كل مفصل وحدث، ضائعة مبعثرة لا تستطيع بناء قصة إخبارية متماسكة ومقنعة.
ما أن تعلن عن قصة إخبارية وتعممها على جميع المؤسسات الإعلامية حتى تنهار هذه القصة بعد ساعة على أكثر تقدير، فيتجه المواطن تلقائيا إلى وسائل أخرى، إلى منصات التواصل الاجتماعي التي أصبح كل من يمتلك فيها حسابا شخصيا يطلق على نفسه صحافي وإعلامي وكاتب وباحث وأوصافا أخرى مبهمة، ويبدأ الجميع بنشر أخبار لا يعرفون مدى صحتها أو دقتها تحت مصطلح خادع "عاجل"، مع أن "عاجل" لها شروط ومواصفات في مهنة الصحافة وليست مجرد كلمة تقال.
ومع هذه "العواجل" تبدأ الدولة تركض لضخ قصة أخرى أو تفاصيل لقصتها، وهكذا يختلط الحابل بالنابل، فتهوى القصة بأكملها وتوضع في أرشيف الفشل الرسمي الإعلامي.
لماذا تفشل الدولة في ترويج قصتها؟ هل أدواتها الحالية ومنفذيها هرموا وانتهى تاريخ صلاحيتهم، هل حقا أنها غير قادرة على تشخيص الحالة ووضع علاج لها؟!
العامل الحاسم في التعيين، أنهم على "قد اليد" وأولادنا الذين تربوا على أيدينا وصنعوا على أعيننا.
تعيين أشبه بالمكافأة، مكافأة على ماذا؟ لا تعرف، أو لا تريد أن تعرف، ما هي الخدمة التي قدموها للدولة وللوطن حتى يقدموا على من يفوقونهم مهنية وقدرات وتاريخا؟!.
والأخطر أن من يعين كل هؤلاء لا يمتلك أصلا أدوات الصحافي والإعلامي ولا حتى شخصيته.
وسط هذا الإيقاع غير السوي وهذا العزف المنفلت، كيف تستطيع الدولة بناء قصة إخبارية متماسكة ومقنعة؟!!