ليث شبيلات.. صاحب الصوت المعارض العالي يرحل متشبثا بشراسته
كتب: محمد الرنتيسي
ليس كل ما يقال في ليث شبيلات، يمكن أن تقوله في غيره، فللرجل الذي توفي عن عمر 80 عاما إثر نوبة قلبية، تركيبة وسمات تجعله ينفرد في شخصية تمتد "الشراسة" امتدادا استثنائيا على الأقل في بلد تشهد فيه ما تشهد من عمليات "تدجين" أو "ترويض" أو ما شابه لشخصيات طالما تبنت خطابا ونهجا معارضا.
ليث شبيلات، نقيب المهندسين الأسبق، ونجل رئيس الديوان الملكي الأسبق فرحان شبيلات، شكل ما يمكن تسميتها بـ"دوامة صداع" للدولة، منذ عقود عندما اعتقل للمرة الأولى عام 1992، بتهمة إنشاء تنظيم "النفير الإسلامي" للقيام بعمليات ضد إسرائيل، وخرج حينها بعفو ملكي.
ظل الرجل متمسكا بخطاب شديد اللهجة يطال "المقامات العليا" دون أن يرتجف له في ذلك جفن، حتى أصبح يوصف بالمعارض الأكثر شراسة والأكثر جرأة في طرح آرائه، وما كان أيضا يسميها بـ"نصائحه لرأس النظام"، وهو الذي لطالما دعا إلى تغيير جذري فيما تسمى "بطانة الملك".
أبو فرحان، صاحب سيرة ومسيرة لا يتسع المجال هنا لذكر تفاصيلها، لكن لا يمكن المرور عن واحدة من أبرز تحركاته والتي كانت خلال العام الحالي، عندما طرح شبيلات نفسه بمثابة المنقذ للأردنيين ودعاهم إلى تفويضه بـ"استعادة الأموال المنهوبة"، حيث بدا في طرحه هذا كالغريق الذي يريد أن يتعلق بقشة دون أن يتمكن من الوصول إليها، وربما كانت أيضا محاولته الأخيرة وربما المستحيلة في أن يغير واقعا أو يحدث خرقا فيه، لكن شيئا من ذلك لم يحدث وذهبت طموحه أدراج الرياح، وهذا بلا شك أضاف تعبا إلى متاعب الرجل، وهما إلى همومه.
يرحل ليث شبيلات جسدا، ليبقى حيا في قلوب كثيرين من محبيه الذين يرون فيه رمزا وطنيا، وليبقى أيضا "شخصية تُحترم" في وجهة نظر المنصفين من خصومه، أما في وجهة نظر غير المنصفين والذين يتطرفون في مهاجمته، فرحيله قد يكون بالنسبة لهم "خبرا مفرحا".
بكل الأحوال، سيبقى أبو فرحان رقما صعبا في التاريخ السياسي للدولة، ذلك أن رحيله لا يعني أنه سيصبح من الماضي أو طي النسيان، بل ستظل سيرته حاضرة ما حضر الوطن، الوطن الذي هو لجميع أبنائه من والى منهم ومن عارض.