ما قبل إقرار الموازنة العامة (2-2)

 

رعد التل
 
إشارات ومقاربات مهمة تحملها موازنة العام المقبل، بأكثر من اتجاه، سواء على مستوى النفقات العامة المتوقعة أو الإيرادات المتوقعة أو على مستوى الصادرات أو المستوردات.
فبالنسبة للنفقات العامة، من المتوقع أن تحدث زيادة على أرقام العام الماضي لأسباب تقليدية عدة؛ كالرواتب والنفقات التشغيلية، إضافة للارتفاع الكبير الذي حدث بفاتورة المشتقات النفطية. فأرقام تقرير التجارة الخارجية الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، تشير الى ارتفاع فاتورة المملكة من النفط الخام ومشتقاته خلال الأشهر التسعة الأولى بقيمة 2.66 مليار دينار مقارنة مع نحو 1.59 مليار دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وبنسبة زيادة تقدر بحوالي 67.5 % لتشكل نحو 18 % من إجمالي مستوردات المملكة.
وفي المقابل، هناك إشارات لارتفاع منتظر في قيمة الإيرادات العامة ناتج عن ارتفاع الإيرادات المباشرة وغير المباشرة، فقد ارتفعت قيمة إيرادات ضريبة الدخل بنسبة 29 % خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبقيمة تقدر بحوالي 300 مليون دينار في أول تسعة أشهر من العام الحالي لتصل إلى 1.334 مليار دينار مقارنة مع 1.033 مليار، وهي إيراد أعلى مما تم تقديره في موازنة العام 2022، بحسب تقرير نشر في “الغد”. بينما بلغت قيمة إيرادات الضريبة من السلع والخدمات حتى نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي 3.079 مليار دينار مقارنة مع 2.95 مليار، بنسبة 4.3 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
لكن بالنسبة لبند الإيرادات الجمركية، فقد أظهر انخفاضاً، حسب نشرة وزارة المالية، فقد تراجعت إيرادات الحكومة من الرسوم الجمركية في نهاية الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة 30 % إلى 142 مليون دينار مقارنة مع 202.6 مليون في الفترة نفسها من العام الماضي. طبعاً هذا الانخفاض كان نتيجة مباشرة لقرار الحكومة بداية العام الحالي بتخفيض وتوحيد التعرفة الجمركية على سلع عدة، وهو قرار تم الترويج له بحينها بأنه سوف يزيد من القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي سيدفع لازدياد النشاط التجاري، إضافة إلى الحد من التهريب، لكن النتائج جاءت عكسية بتراجع تلك الإيرادات بما يناهز الثلث مع ثبات دخل المواطن.
تقرير التجارة الخارجية الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، يشير أيضاً الى أن مستوردات المملكة قد بلغت قيمتها 14.837 مليار دينار خلال أول تسعة أشهر من العام الحالي بارتفاع نسبته 36.8 % مقارنة بالفترة نفسها من العام 2021، إلا أن قيمة الصادرات الكلية زادت بصورة إيجابية في أول تسعة أشهر من العام الحالي بلغت 6.7 مليار دينار بارتفاع نسبته 42.0 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبلغت قيمة الصادرات الوطنية في أول تسعة أشهر من العام الحالي ما مقداره 6.169 مليار بارتفاع نسبته 44 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. لكن قيمة عجز الميزان التجاري بقيت مرتفعة في أول تسعة أشهر من العام الحالي وبلغت 8.137 مليار دينار بارتفاع نسبته 32.8 % مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
أرقام الموازنة يجب أن تبنى بدقة وبطريقة غير تقليدية مع التقاط لأرقام واتجاهات الاقتصاد الأردني، نقول ذلك لأننا نملك اليوم رؤية اقتصادية يفترض أن ترسم ملامح الطريق للاقتصاد الأردني خلال الأعوام العشرة المقبلة، وأن يخصص ويوجه الإنفاق والتمويل اللازم للقطاعات الحيوية التي أشارت لها الرؤية بصورة تحفز النمو الاقتصادي، لكني لا أجد مبرراً، مثلاً، أن يكون النمو المتوقع للصادرات الوطنية في بلاغ الموازنة للعام المقبل مقدرا بحوالي 1.7 %، في ظل نمو متحقق فعلا بنسبة 20 % خلال العام الماضي.