هل تطيح الحكومة بالتأمين الصحي من "تعديلات الضمان"؟
يتساءل مراقبون عن مسودة تعديلات قانون الضمان الاجتماعي، لا سيما بعد اتساع رقعة الجدل حولها، ما بين مؤيد ومعارض، ودخول تفاصيل جديدة تتعلق بالقانون، مثل عدم تجديد عقد عرّاب التعديلات المدير الأسبق لمؤسسة الضمان الاجتماعي الدكتور حازم رحاحلة، وتعيين مدير جديد هو الدكتور محمد الطراونة، يعلم كل المطلعين على ملف القانون، بانه كان ضد التعديلات قلبا وقالبا.
اختيار الحكومة للطراونة تحديدا، بعد صدور قرار عدم التجديد للرحاحلة الذي تؤكد مصادر مقربة منه، أنه فوجئ بخبر عدم تجديد عقده، بخاصة أنه كان يفترض بان يكمل حملته الضخمة للترويج للتعديلات الجديدة، إلى أن تصل بر الإقرار من البرلمان، يضع على الطاولة سؤالا مفاده: هل كان عدم تجديد عقد الرحاحلة سببه تعديلات القانون؟ هل هذا تأكيد لتسريبات صحفية، تؤكد أن الحكومة سترفض التعديلات، وتعيد مسودة القانون ثانية لمؤسسة الضمان؟
في ظل صمت وتكتم حكوميين حول مصير التعديلات التي سبق وأن أقرها مجلس إدارة الضمان في أيلول (سبتمبر) الماضي، وأرسلها الى رئاسة الوزراء، لينفذ طوال الاشهر الماضية حملة تعريف ضخمة بالقانون، وفي ظل اصرار مؤسسة الضمان على لسان ناطقها الإعلامي على الاجابة دوما على سؤال اين تعديلات القانون اليوم بأنها “في حوزة الحكومة، وهي صاحبة القرار بسحبها أو التعديل عليها”، في حين يصر الطراونة على التزام الصمت والإجابة، بأنه يود التريث، تؤكد تسريبات من المؤسسة ان تنسيقا متواصلا يجري حاليا بين ادارة المؤسسة والحكومة، لاعادة فتح القانون للتعديل، ليكون اهم البنود التي تنوي الحكومة سحبها من القانون، هو تنفيذ التأمين الصحي الذي كانت المؤسسة، تروج له بأنه السبب الاول والاساسي لفتح القانون للتعديل.
يبدو ان الحكومة توصلت الى قناعة، مفادها ان ملف التأمين الصحي عبر مؤسسة الضمان مهمة مستحيلة، حتى في ظل ما اقترحته المؤسسة من تعديل، برفع الاشتراكات لمن سيستفيدون من التأمين الصحي المقترح بنسبة 5 %، لتؤكد التسريبات، أن سبب عدم رغبة أي جهة حكومية بالحديث عن التعديلات، هو الحرج الناجم عن النية بإلغاء التأمين الصحي الذي كان يتم الترويج له بأنه باكورة التعديلات.
وكانت تعديلات القانون استحدثت مادة، تحدد قيمة الاقتطاعات لتوفير التأمين الصحي، وهي 4 % يدفعها المشتركون في التأمين، و1 % للمعالجة من مرض السرطان، وبذلك تصبح نسبة الاقتطاعات 26.75 %، إذ يدفع المشتركون والمتقاعدون حاليا %21.75، تقسم كالتالي: 2 % إصابات عمل تدفعها المنشأة، 75 % أمومة تدفعها المنشأة، نصف% تعطل تدفعها المنشأة، %1 تعطل يدفعها المؤمن عليهم، 9 % شيخوخة وعجز ووفاة تدفعها المنشأة، ونصف % شيخوخة وعجز ووفاة يدفعها المؤمن عليه.
كما شملت التعديلات، النص على إيرادات أخرى غير قيمة الاقتطاعات الجديدة، سترفد حساب التأمين الصحي، منها المبالغ المخصصة من المؤسسة بأكثر من 40 % من اشتراكات تأمين اصابات عمل، فوائد وغرامات مترتبة عن التأخر او عدم التقيد بدفع اشتراكات التأمين الصحي، ربع استثمار الاموال المتأتية من هذه المصادر، والهبات والمساعدات التي يقبلها مجلس الضمان، شريطة موافقة رئاسة الوزراء.
وبشأن التقاعد المبكر، فبين أنه سيطبق على المشتركين الجدد الذين تقل سنوات اشتراكهم في الضمان عن 7، بحيث يلغى التقاعد المبكر لمن تقل عدد اشتراكاتهم، مع نفاذ تعديلات القانون الجديدة عن 36 اشتراكا، كما سيرفع سن التقاعد ليصبح 62 عاما للذكور و59 عاما للإناث.
يشار إلى أن سن التقاعد المبكر الحالي، هو بلوغ المشترك الذكر سن الـ55 عاما، وتوافر 252 اشتراكا فعليا، وللأنثى 52 عاما وبعدد اشتراكات 228.
وفيما إذا كانت هذه التفاصيل دقيقة، يطرح مراقبون سؤالا مفاده: اذا تراجعت الحكومة عن تنفيذ التأمين الصحي، وتعديل سن التقاعد، وهما اهم ما جاءت به وكانا المبرران الرئيسان للمؤسسة لفتح القانون للتعديل، فيماذا ستجيب عن سؤال: لماذا فتحتم القانون للتعديل إذن؟
كذلك هناك نقطة أخرى لم تفسر حتى اليوم، تتعلق بإدراج مؤسسة الضمان تعديلات على القانون، نص بعضها على سريان العمل بها، مع بدء العام المقبل، برغم استحالة الانتهاء من مرور التعديلات ضمن القنوات التشريعية، سواء لدى الحكومة او البرلمان خلال أقل من شهرين، لتصبح جاهزة للتنفيذ مع بدء العام المقبل، مع تأكيده أن بعضها سيشهد جدلا كبيرا تحت القبة، بخاصة ما يتعلق بالتـأمين الصحي.
ومن المواد المعدلة، بحيث يبدأ العمل بها مع بداية العام المقبل، توفير التأمين الصحي، بحيث يطبق على المؤمن عليهم العاملين في القطاع الخاص والمتقاعدين وأفراد أسرهم من المؤسسة وحدها، او بالاتفاق مع المؤسسات الخاصة، بموجب تعليمات تصدر لتنظيم ذلك، تحدد الفئات المستفيدة، على ان يستحدث حساب خاص مستقل لتسجيل الإيرادات والنفقات، وتحديد إنشاء أو تشغيل مرافق طبية لتقديم خدمات التأمين الصحي.