دعوات لتحديد سن أدنى للخطوبة في الأردن

 

تُشكل الزيجات لمن هم دون سن الـ18 عاما نحو 11% من الزيجات في الأردن لعام 2021، بحسب أرقام دائرة قاضي القضاة.
 
وذكر التقرير السنوي لدائرة قاضي القضاة أن مجموع حالات زواج الذكور دون سن الـ18 بلغ 241 حالة من بين 75 ألفا و360 حالة زواج مسجلة في ذلك العام.
 
وفي التفاصيل، فإن 75 زوجا في العاصمة عمّان تزوجوا وهم دون سن الـ18 العام الماضي، و40 في محافظة إربد، و37 في الزرقاء، و24 في البلقاء، و1 في الكرك، و2 في معان، و37 في المفرق، و2 في الطفيلة، و13 في مادبا، و1 في عجلون، و3 في العقبة، و6 في جرش.
 
أما عدد الإناث دون سن الـ18 اللاتي تزوّجن عام 2021، فبلغ 8037 حالة، منها 2271 في عمّان، و1532 في إربد، و1639 في الزرقاء، و421 في البلقاء، و186 في الكرك، و110 في معان، و1088 في المفرق، و38 في الطفيلة، و261 في مادبا، و92 في عجلون، و93 في العقبة، و306 في جرش.
 
كما بلغ مجموع حالات إذن الزواج دون سن الـ18 والتي راجعت مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري عام 2021، بلغ 6816 حالة، منها 6236 حالة مُنح لها الإذن، فيما لم يُمنح لـ613 حالة الأخرى.
 
ووفق بحث أعدته مؤسسة إنقاذ الطفل - الأردن حول "تطبيق التعليمات المعدّلة لمنح الإذن بالزواج لمن هم دون سن الـ18 عاماً في الأردن: وجهات نظر من الميدان" وشمل عينة من 75 فتاة تزوجن بين عامي 2018 و2021، فإن 68% منهن التحقن بالمدرسة قبل الزواج، في حين أن 8% فقط واصلن تعليمهن بعد زواجهن.
 
 مقارنة زواج القاصرات خلال (2017 – 2020)
 
وبحسب إحصائيات دائرة قاضي القضاة، فقد بلغ عدد حالات الزواج لمن هن دون سن 18 خلال العام 2020 (7964) حالة من أصل 67389 حالة زواج، بنسبة 11.8%، مرتفعة عن العام 2019، الذي بلغت حالاته (7224) بنسبة 10.6 %، وفي العام 2018 كان العدد (8226) بنسبة 11.6%، وفي العام 2017 (10434) حالة بنسبة 13.4%.
 
وأدرك الأردن مبكراً خطورة هذه الممارسات، وصار إلى تقييد زواج من هن أقل من 18 عاما، ومنع زواج من هن أقل من 15 عاما وفقاً لقانون الأحوال الشخصية المعدل لعام 2010، حيث تمت الإشارة إلى ذلك بموجب المادة العاشرة، إلا أن الفقرة "ب" من المادة ذاتها أجازت للقاضي وضمن ضوابط تصدر بموجب تعليمات، أن يأذن بزواج من هن أقل من 18 عاما، وصدرت التعليمات التي أشارت إلى ضوابط عامة لتقنين والحد من هذه الظاهرة عام 2011.
 
إلا أن المتتبع لحالات الزواج المبكر يجد أنها ما تزال تراوح مكانها، بل شهدت زيادة في بعض السنوات، كما أن حالات الطلاق بين هذه الفئات العمرية هي الأكثر.
 
ويرى المحامي صدام أبو عزام، أن هناك جملة من الأمور والتدابير الواجب أخذها بعين الاعتبار للتخفيف من الآثار السلبية للزواج المبكر وعلى رأسها الطلاق، تكمن في منع زواج من يقل عمره عن 18 عاما للذكر والأنثى، والإسراع في إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات باعتبارها أحد المبررات التي يتم الاستناد إليها في عقد قران المغتصب من الضحية، بل وتعد من قبيل المكافأة لمرتكب الجريمة، وتحديد سن أدنى للخطبة، ويُقترح هنا أن لا يقل عن 18 عاما.
 
التعليمات المعدلة لمنح الإذن بالزواج لمن هم دون سن الـ18
 
وصدرت بتاريخ 16/7/2017 تعليمات منح الإذن بالزواج لمن أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة رقم (1) لعام 2017 والصادرة بموجب الفقرة (ب) من المادة (10) من قانون الأحوال الشخصية المؤقت رقم (36) لعام 2010 والذي أصبح القانون الدائم رقم (15) لعام 2019.
 
وبدأ العمل بهذه التعليمات اعتباراً من تاريخ 1/8/2017، فيما ألغيت تعليمات منح الإذن بالزواج لمن هم دون سن الثامنة عشرة لعام 2011.
 
ونصت المادة (3) من التعليمات على أنه "يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من أكمل الخامسة عشرة من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة وفقاً لأحكام هذه التعليمات”، بينما نصت التعليمات السابقة في مادتها الأولى على أنه "يجوز للقاضي وبموافقة قاضي القضاة أن يأذن بزواج من أكمل الخامسة عشرة…".
 
وبحسب جمعية "تضامن"، فإن منح صلاحيات أوسع للقاضي دون اشتراط موافقة قاضي القضاة يشكل مخالفة قانونية، إذ لا يجوز للنظام أن يخالف نص القانون الذي صدر بمقتضاه، وإن كان بسبب تحديد الشروط التي يجب على القاضي مراعاتها في المواد اللاحقة من هذه التعليمات، فإنها بذلك تكون قد ألغت موضوع الرقابة على قرارات منح الإذن بالزواج للتأكد من أن القاضي قد تقيد بالشروط.
 
وعلى الرغم من أن التعليمات قد نصت على ضرورة أن يتم فتح ملف في المحكمة لكل حالة تتضمن البينات والمعززات (المادة 11 من التعليمات)، غير أن التحقق من صحة الإذن بالزواج لن يتم إلا في حال وجود شكوى أو في حال أجري تفتيش دوري على أعمال المحاكم، ما يثير المخاوف من وجود حالات قد يمنح فيها الإذن بالزواج لا تنطبق عليها كامل الشروط الواردة في التعليمات.
 
 شروط منح الإذن بالزواج لمن هم دون سن الـ18
 
وفيما يتعلق بالمادة (4) من التعليمات، فقد نصت على شروط منح الإذن بالزواج، حيث جاء فيها: "يجب على المحكمة مراعاة ما يلي لغايات منح الإذن بالزواج:
 
1- أن يكون الخاطب كفؤاً للمخطوبة وفقاً لأحكام المادة (21) من القانون.
 
2- أن يتحقق القاضي من الرضا والاختيار التامّين.
 
3- أن تتحقق المحكمة من الضرورة التي تقتضيها المصلحة وما تتضمنه من تحقيق منفعة أو درء مفسدة وبما تراه مناسباً من وسائل التحقق.
 
4- أن لا يتجاوز فارق السن بين الطرفين الخمسة عشر عاماً.
 
5- أن لا يكون الخاطب متزوجاً.
 
6- أن لا يكون الزواج سبباً في الانقطاع عن التعليم المدرسي.
 
7- إثبات مقدرة الخاطب على الإنفاق ودفع المهر وتهيئة بيت الزوجية.
 
8- إبراز وثيقة الفحص الطبي المعتمد".
 
وأوجبت التعليمات الجديدة على المحكمة مراعاة شروط فارق العمر والتعليم وأن لا يكون الخاطب متزوجاً، على عكس التعليمات القديمة التي نصت على أن "للمحكمة ما أمكن مراعاة هذه الشروط".
 
ومع ذلك، فإن "تضامن" وتحالف "نجود" أكدا في وقت سابق، أن 15 عاماً كفارق عمر بين الخاطب والمخطوبة ما زال كبيراً ويجب أن لا يزيد على 10 أعوام كحد أقصى.
 
كما لفتا إلى أن استخدام مصطلح "وجود مراعاة الشروط" قد يفتح المجال أمام التساهل مع التحقق من توفرها، حيث كان بالإمكان استخدام "يشترط لمنح الإذن بالزواج"، حيث يكون عدم توفر أحد هذه الشروط أو أكثر سبباً في عدم منح الإذن بالزواج.
 
وورد في الكتاب الإحصائي السنوي لعام 2019 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، أن 65 عقد زواج لفتيات قاصرات سجلت في المحاكم الشرعية خلال عام 2019 كان فارق العمر بين الزوج والزوجة يفوق 15 عاماً واكثر، في مخالفة صريحة لتعليمات منح الإذن بالزواج للفئة العمرية (15-18 عاماً) والصادرة عن دائرة قاضي القضاة، حيث اشترطت لمنح الإذن بالزواج أن لا يتجاوز فارق العمر بين الطرفين 15 عاماً!
  
التعليمات لم تنص على آثار مخالفتها!
 
أشارت "تضامن" إلى أن التعليمات الجديدة لم تنص صراحة في حال مخالفة القاضي أو المحكمة لشروطها ما يترتب على ذلك من آثار، خصوصا على عقد الزواج.
 
ففي حال أن تمت الموافقة على عقد زواج القاصرة دون التحقق من موافقة الولي أو كان فارق العمر بينهما أكثر من 15 عاماً، أو لأي سبب آخر مخالف للشروط الواردة في التعليمات، فماذا يترتب من آثار على من منح الإذن بالزواج؟ وماذا سيكون مصير عقد الزواج؟.
 
وتجد كل من "تضامن" وتحالف "نجود" أن هنالك نقصاً في التعليمات في هذا المجال، حتى لو كان من باب الإحالة إلى النصوص الواردة في قانون الأحوال الشخصية.
 
هذا ولم ينص قانون الأحوال الشخصية رقم 15 لعام 2019 وتعليمات منح الإذن بالزواج لمن أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة رقم (1) لعام 2017، صراحة أو ضمناً على الأثر المترتب على مخالفة هذه الشروط الواردة في المادة 4 من التعليمات، وبالتالي لو أراد المشرع بطلان أو فساد عقد الزواج عند مخالفة الشروط لرتب عليه أثراً بنص القانون!.