ضابط متقاعد: ذهبنا لنؤمن كأس العالم.. فخسرنا الكأس ولامنَا العالم
المقدم المتقاعد أحمد الدقامسة
نبدأ من بداية الحدث حيث كنا هناك معززين مكرمين في الوطن حتى جاء الإعلان للمشاركة في واجب كأس العالم، فسارع الجميع لاغتنام الفرصة و أية فرصة .. إنها بطولة كأس العالم حدث تاريخي وللمرة الأولى في بلد عربي ..
فكنت أحدهم و وجدت تشجيعا من زملائي و عائلتي للمضي قدماً ولم يكن هدفاً مادياً - ويشهد الله - كما الكثيرين غيري بقدر ما كان اغتناماً لهذه الفرصة التاريخية التي أصبحت حقيقة بعد أن كانت حلماً وكنت أخطط شخصياً لحضور إحدى مباريات المونديال قبل خوض هذه التجربة فجائتني على طبق من ذهب ...!!
وخلال فترة الإعداد والتجهيز للمشاركة بهذا الواجب الوطني الذي كان شرفاً لكل أردني وعربي بدءاً من مرحلة التأهيل والتدريب في الوطن و مروراً باجراءات
السفر و الاستقرار في دوحة العرب وانتهاءً بالتدريب العملي استعداداً للواجب في مراحلة الأخيرة التي كانت قد شارفت على الانتهاء ..
ولا ينكر أي منا بعض الأخطاء الادارية و التنظيمية التي كان بالإمكان تجاوزها من الجميع فالكمال لله وحده، وخلال تلك الفترة وربما قبل الوصول لأرض المهمة بدأت الإشاعات تبثها ألسنة المغرضين و الغيارى الذين فاتتهم فرصة مشاركة زملاءهم، والحاقدين على الوطن، و بعد ذلك يتناقلها المشاركون أنفسهم فيما بينهم فتارة يشككون في مصداقية الشركة التي تعاقدنا معها وتارة أخرى بأننا قد وقعنا في فخ أحد المتنفذين، حتى اصبح لدى الجميع قناعة انه غُرّر بنا ..
فانعكس ذلك على معنويات الغالبية العظمى من القوة وانقاد معظمها وراء الصيحات و التظاهرات ظناً منهم أن دولة قطر ستنصفهم ولم يعلموا أننا كنا قد وصلنا لمنحنى خطير و حاسم، فالتوقيت لم يكن لصالحنا ، والمشكلة لم تكن مع الدولة المستضيفة ..
مخالفات و تجاوزات نخجل من ذكرها سجلت في تقارير الفيفا خلال أيام التدريب فضلاً عن سلوكيات بعض من المشاركين داخل المعسكر، حتى جاءت ليلة القبض على الحلم ثم اغتياله، ثلة من المشاركين لا يتعدون عدد أصابع اليد يتبعهم عدد لا بأس به يخرجون مطالبين بمنحهم مبالغ مالية كببرة أسوة بغيرهم كما يعتقدون أو كما تم تحريضهم لذلك، علما أننا جميعأ قد وافقنا على شروط العقد المبرم بين الطرفين، وأنا هنا لا أدافع عن شخص بعينه أو شركة بذاتها، فكما أسلفت فأنا لا أنكر الأخطاء الإدارية و التنظيمية التي واجهها المشاركون في قطر وخصوصاً في معسكر الوكرة لكن كثيراً من المشاركين لم يتحلى بالصبر و لم يكن لديه ثقافة السفر ...
و كانت تلك الأحداث المؤسفة هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فكان القرار قد أعد مسبقاً، قوات الأمن الخاص الأردنية خارج حسابات المونديال وللأسف الشديد، فانتشر الخبر كالنار في الهشيم ليولد حالة من خيبة الأمل اعقبتها تصريحات من هنا وهناك تضع اللوم على المؤسسات الحكومية التي احتضنت الحدث تارة و على الشركة المنظمة تارة أخرى و تصريحات تسيء للمتقاعدين أنفسهم رغم أن نسبة مثيري الشغب لم يتعدى الخمسة بالمائة ..
فتبخرت أحلام الكثيرين للمشاركة في هذا الحدث العالمي، وكُسر خاطر كثيرين ممن عقدوا الأمال في تصويب أوضاعهم المادية و إن كان المردود المادي لا يرتقي لطموح الغالبية العظمى، والأهم من هذا وذاك صورة الأردنيون في أعين الأردنيين أنفسهم و أمام العالم أجمع، فاينما وضعنا اللوم يبقى في دائرة الوطن ..