المرصد العمالي: منذ 10 سنوات.. علاوة غلاء المعيشة ثابتة والتضخم يرتفع
أكد تقرير للمرصد العمالي الأردني، أنه ورغم أن علاوة غلاء المعيشة الشهرية، البالغة 135 دينارا، هي أهم علاوة يتقاضاها موظفو القطاع العام من الفئات الأولى والثانية والثالثة، إلا أنها لم تزد منذ 10 سنوات، إذ كانت آخر زيادة عليها عام 2012.
ووفق المرصد، فإن هذا الأمر صار مدعاة للتساؤل عن سبب عدم زيادتها طوال تلك المدة الطويلة، رغم الارتفاعات المتتالية في معدلات التضخم في الأردن خلال السنوات العشر الأخيرة والارتفاعات المتتالية في أسعار السلع والخدمات الأساسية.
ثبات علاوة غلاء المعيشة، واكتفاء الحكومة بإجراء الزيادة السنوية (الهزيلة) مقابل ارتفاع معدلات التضخم، أدى إلى تآكل الرواتب وضعف القدرة الشرائية وانخفاض مستوى المعيشة عند 543 ألف موظف وموظفة يعملون في القطاع العام، وفق آخر إحصائية للعمالة والبطالة أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة عام 2016.
الخبير الاقتصادي حسام عايش يقول إن هناك ضرورة ملحة لزيادة علاوة غلاء المعيشة من خلال ربطها بمعدلات التضخم، إلا أن "هناك إجراءات مسبقة" يجب أن تتخذها الحكومة قبل ذلك، لمواجهة الارتفاعات المتتالية في الأسعار.
ويبين عايش أن الحكومة الأردنية لا تواجه ارتفاع معدلات التضخم برفع مستويات الأجور، وإنما برفع أسعار الفائدة على القروض بهدف تقليل قدرة الناس على الإنفاق من خلال رفع كلفة الاستهلاك ورفع كلفة الاستثمار وتخفيض الإنفاق الحكومي.
ويستدرك بالقول "أما إذا أصرّت الحكومة على عدم اتخاذ هذه الإجراءات وبخاصة رفع علاوة غلاء المعيشة، رغم ارتفاع معدلات التضخم، فسيؤدي ذلك إلى زيادة أعداد الفقراء بعامة في الأردن، وشريحة العاملين الفقراء بخاصة.
وتفيد تقارير المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لعام 2021، بأن ما نسبته 56 بالمئة من العاملين المشتركين في الضمان تبلغ أجورهم الشهرية (500) دينار فما دون.
وهذا المستوى من الأجور منخفض جدا إذا ما قورن بمستويات خط الفقر في الأردن، فالأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة لعامي 2017 و2018 تُشير إلى أن قيمة خط الفقر المطلق تبلغ (1200) دينار للفرد سنويا، في حين أن خط الفقر للأسرة المعيارية يقارب الـ(480) دينار شهريا.
وبالعودة إلى عايش، سيؤدي الامتناع عن رفع علاوة غلاء المعيشة إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي في الأردن أكثر فأكثر. ويشرح بالقول: "زيادة معدلات التضخم وبقاء مستويات الأجور على حالها سيُخفّض الإنفاق لدى الناس وبالتالي ستنخفض الإيرادات الحكومية، ما يرفع في النهاية العجز في موازنة الدولة.
بدوره، يؤشر مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض إلى أن غالبية العاملين بأجر في الأردن، أكانوا في القطاع العام أو الخاص، "تزداد صعوبة يوما بعد يوم"؛ جرّاء الارتفاعات المتتالية على أسعار السلع والخدمات الأساسية مقابل ثبات أجورهم على حالها نسبيا، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي حديثه إلى "المرصد العمالي" يتفق عوض مع ما يذهب إليه عايش، من أن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى "زيادة حالة التباطؤ" في عجلة النمو الاقتصادي التي يشهدها الأردن حاليا، وتكريس التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية.
ويحذر عوض من أن استمرار العمل بهذه السياسات، التي يرى أنها "غير اجتماعية وغير حساسة حيال المجتمع"، "سيهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع والدولة". ويشدد على أن رفع علاوة غلاء المعيشة "ستساهم في تحفيز الاقتصاد الوطني لمزيد من النمو، وبالتالي زيادة الطلب العام على استهلاك السلع والخدمات".
وفي أواخر أيلول الماضي طالب اتحاد النقابات المستقلة للعاملين في بلديات الشمال برفع علاوة غلاء المعيشة الشهرية لموظفي القطاع العام بما يتناسب مع معدل التضخم من تاريخ إقرار العلاوة وحتى تاريخه.
وفي كتاب وجّهه إلى مجلس الوزراء بهذا الخصوص، بين الاتحاد أنه مضى نحو عشر سنوات على إعادة الهيكلة للقطاع العام وما تزال الرواتب تراوح مكانها، بالرغم من الارتفاعات المتتابعة الواضحة في حجم التضخم وما آلت إليه الأسعار نتيجة لهذه الارتفاعات.
وطالب الاتحاد باحتساب نسب التضخم طرديا وفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة من تاريخه وحتى الآن، وأشار إلى أن النسبة تقارب الـ30 بالمئة، أي ما يعني أن علاوة غلاء المعيشة يجب أن تكون حاليا بواقع 175 دينارا بدلا من 135.
وأكد الاتحاد أن زيادة الدخل تعتبر من أهم أدوات دفع عجلة الاقتصاد الأردني قُدُماً، وأن زيادة علاوة غلاء المعيشة لا تشكل عبئا كبيرا على الدولة، بل ستكون نتائجها إيجابية على الفرد والمجتمع.
وفي ذات المحتوى، يؤكد تقرير صادر عن المرصد العمالي الأردني أن تدني مستويات الأجور في القطاع العام من شأنه أن يزيد أعداد العمالة الفقيرة في الأردن.
التقرير، الصادر في أيلول الماضي بعنوان "موظفو القطاع العام: أجور متدنية تُرغمهم على العمل بوظائف أخرى" ينبه إلى أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، المرتفعة أصلا، لأن عدم كفاية الرواتب لسد الاحتياجات الأساسية للعاملين في القطاع العام سيجعلهم يزحفون باتجاه احتلال وظائف جديدة في القطاع الخاص لتحسين أوضاعهم المعيشية، وهذه الوظائف يفترض أن تكون من نصيب الخريجين الجدد والمتعطلين عن العمل وليس للذين يعملون أصلا.