منظومة الريادة فشلت
كتب معاذ خليفات
ما الفرق بين أوراق الأرشيف المكدسة والبيانات الرقمية في الأردن؟ .. بعد أن تقرأ هذه القصة التي حصلت معي بالفعل ستجيب على العنوان "لا فرق"!
اليوم ذهبت للتبليغ وإصدار بدل فاقد لهويتي الشخصية، ولم يكن معي اثباتاً آخر غير "أنا" وبصماتي بسبب ضياع الوثائق الرسمية جميعها، المهم اكتشفت أني وبصماتي الحيوية لا تثبت شيئا، بل كان علي أن أحضر قرابة من الدرجة الأولى لتقر أني أنا وتوقع على ذلك، يعني القرابة إثبات أقوى من بصماتي والذكاء الرقمي.
على الرغم من أني كنت واحداً من بين الملايين الذين وقفوا طوابير للحصول على هوية ذكية في عام ٢٠١٨، وغمست أصابعي على الماسح الضوئي لأترك بصماتي كما كل الأردنيين من أجل التحول الرقمي الذي من المفترض أن يُحول شكل المعاملات ويسهل الحياة ويوفر الوقت في عالم متسارع، بل ويكشف الحقائق وربما الجرائم.
وعلى سيرة الجرائم، البصمات التي كما يبدو ظلت في أدراج دائرة الأحوال المدنية ولم تنتقل من مكانها، تعرض منزلي للسرقة قبل ثلاث سنوات ونصف، حينها كانت المسروقات ثمينة وثمينة جدا، المختبر الجنائي رفع بصمات السارق/ين وبعد انتظار ٣ أيام النتيجة كانت "لا تطابق مع جُناة وأصحاب سوابق"، يعني نفس الطريقة التقليدية قبل البطاقة الذكية وبيانات البصمات التي لو كان لها استخدام مفيد لما استغرق الموضوع سوى دقائق لمقارنة بصمات السارقين مع كل البيانات الموجودة رقمياً. ولا يوجد أي "جسر تقني" يربط هذه البيانات بين مؤسسات الدولة المختلفة لا سيما أن الحادثة حصلت بعد الهوية الذكية بسنة واحدة فقط.
اليوم تخيلت شكل البيانات الرقمية وكأنها أوراق وملفات مكدسة في أي دائرة خلال فترة التسعينيات لكن إلكترونية، الهوية الذكية حتى تكون ذكية يجب أن تنتج تحولاً حقيقياً في شكل المعاملات وفي اختصار الوقت والجهد وحتى الحوارات.
في الحقيقة أننا مازلنا نقف بعيداً عن الرقمنة،، فشلت كل منظومة الريادة رغم ادعاءات وزراء الاتصالات والريادة المتعاقبين أننا نحقق خطوات مبهرة في هذا المجال، وفشلت كل خطط التحول الرقمي في ابسط اختبارات استعمال البيانات الضخمة.
وزراء الريادة ليسوا برياديين وخبراء التحول الرقمي ليسوا بخبراء من الأساس، بناء البنية التحتية الرقمية لهذه البيانات كان كفيلاً بأن يعيد ما سُرق مني أولاً ولاستطعت التعريف عن نفسي وأني أنا أنا من بصماتي.