كيف تعمل النظارات بتصحيح إبصار العين؟

يُصاب العديد من الأشخاص بضعف النظر، خصوصا مع كثرة استخدام الهواتف والأجهزة اللوحية في السنوات الأخيرة.

كما أن ضعف البصر يكاد يكون من الأمور التي لا مفرَّ منها مع الوقت، فهو من الحالات الشائعة جدًا في مجتمعاتنا، على صعيد جميع الأعمار.

وفي هذا المقال سنشرح كيفية عمل النظارات وتصحيحها لخطأ العين في استقبال الضوء، وكي نشرح ذلك، لا بدّ بداية أن نشرع في شرح كيفية عمل العين سريعًا، ثم نذكر أهم ظاهرتين في ضعف النظر وأكثرهما شيوعًا؛ وهما قِصَرُ البَصَرِ وطُولُ البَصَرِ.

كيفية عمل العين:

العين جهاز بصريٌّ معقَّد، وهي تتكون من:

- القرنية.

- عدسة العين.

- العضلات الهدبيّة.

- الشبكيّة.

وتعمل عدسةُ العين (وهي عدسةٌ محدَّبة بطبيعتها) على تركيز الضوء على شبكيَّة العين، فتظهر الصورة مقلوبة على شبكية العين (الجزء المبطن لجوف كرة العين).

ثم يأتي دور الشبكيَّة بامتصاص الضوء عادة وتحويله إلى موجات كهربائية ترسلها إلى الدماغ بهدف تحليلها ليفهم الصورة.

ألا يكفي هذا؟

لا، فأنت تنظر لأشياء بعيدة عنك بمسافات مختلفة؛ لذلك يجب تغيير العدسة دائماً حسب بعد الشيء! تخيل حاجتك لتبديل عدسة العين فقط إن أردت توجيه بصرك من أستاذ الجامعة إلى الكتاب، والعكس؟!، سنحتاج لعدسة مرنة، وأن نتحكم بمقدار تحدبها، ولكن كيف؟

إن العضلات الهَدْبِيَّةِ بتقلّْصِها أو استرخائها، تعمل على تعديل تحدّب العدسة، بشكل يديم تركيز الضوء على الشبكيّة.

فمثلاً إذا كان الغرض الذي ننظر إليه بعيدا، تكون العضلات الهدبيّة مسترخية وفي حينها تكون العدسة أكثر تسطيحا، وهذا هو السبب الذي يجعل النظر إلى الأفق البعيد مريحا.

أما إذا كنا نقرأ كتابا على سبيل المثال، فإن العضلات الهدبيّة تتقلّص بشكل قوي حتى تزيد من تحدّب عدسة العين بشكل يجعلها أكثر كروّية وبالتالي يزيد من قدرتها على تركيز الضوء، وهذا التقلّص العضلي هو سبب الجهد الذي نجده في أعيننا بعد جلسة طويلة من النظر عن قرب.

مشكلة قصر البصر (Nearsightedness/ myopia):

هي حالة بصرية شائعة قد تبدأ من الطفولة أو المراهقة، وهي الحالة الأكثر شيوعا عند الصغار والشباب، ومن اسمها، مقصدها هو وضوح الرؤية عن قريب، وضبابيّة الرؤية عن بعيد.

سببها الرئيسي:

زيادة قطر تكور العين أو زيادة تحدب القرنية أو عدسة العين، ما يسبب تركيز الضوء في نقطة أمام الشبكيّة لزيادة طول العين، ما يؤدي إلى جعل الصورة مشوَّشة.

مشكلة طول البصر (Farsightedness/ hyperopia):

هي حالة بصرية شائعة عند الكبار في السنّ (تبدأ غالبا من عمر الخامسة والأربعين)، ومقصدها هو ضبابيَّة الرؤية عن قريب، ووضوح الرؤية عن بعيد.

سببها الرئيسي قصر قطر تكور العين أو قلة تحدب القرنية، ما يسبب تركيز الضوء في نقطة خلف الشبكيّة لصغر العين، وهذا بالتالي يؤدي إلى جعل الصورة القريبة مشوّشة.

*ملاحظة:

انتبه من المزج بين طول البصر وطول النظر الشيخوخي؛ فالأول يصيب الأطفال بالدرجة الأولى والكبار، والثاني يأتي عند الكبار مع التقدم في العمر.

مشكلة طول النظر الشيخوخي (Presbyopia):

هي حالة بصرية شائعة عند الكبار في السنّ (تبدأ غالبا من عمر الخامسة والأربعين)، ومقصدها هو ضبابيَّة الرؤية عن قريب مع التقدم في العمر.

سببها الرئيسي هو أن عدسة العين لا تستطيع أخذ شكلها المحدّب كاملا عند تقلّص العضلات الهدبيّة، أي أنها تخسر ليونتها السابقة مع التقدم في العمر فتصبح أقلّ قدرة على التكوّر، ما يسبب تركيز الضوء في نقطة خلف الشبكيّة، وهذا بالتالي يؤدي إلى جعل الصورة القريبة مشوّشة.

العلاج:

إن كلا المشكلتين لهما سبب عكس الآخر، فقصر البصر سببه زيادة التحدب، فتستخدم لعلاجه عدسة مقعرة لعكس الزيادة في التحدب، أما طول البصر سببه نقص التحدب، فتستخدم لعلاجه عدسات محدبة لإكمال التحدب المطلوب.

ولكن عند طول النظر الشيخوخي، فهنا نستخدم أيضًا عدسة محدبة، فيصل الضوء الآن إلى العين وقد ركّز بقدر يعدل الضعف الموجود عند عدسة العين والذي يأتي مع التقدم في العمر.

*ملاحظة:

1) في مقالنا هذا لم نتكلّم عن جميع الحالات البصريّة، إذ أنّ هنالك حالة كثيرة الشيوع أيضا تعرف باللابؤرية (Astigmatism)، وسببها تشوّه نسبي في قرنيّة العين أو العدسة أو الاثنين معا، وهي حالة أكثر تعقيدا من أختيها.

2) هنا ذكرنا العلاج باستخدام النظّارات، طبعا كما تعلمون هناك طرق أخرى للعلاج؛ كاستخدام العدسات اللاصقة (والمبدأ فيها هو ذاته في النظارات)، وهنالك أيضا العلاج عبر إجراء العمليّات جراحية.