مادة الديمقراطية.. أسلوب التلقين يهدد بفشل التجربة

 

يرى خبراء تربويون أن تدريس الديمقراطية بطريقة عملية بعيدًا عن التلقين هو أمر حاسم لتعزيز الوعي الحزبي والمشاركة السياسية بين الطلاب.
 
وتأتي هذه الدعوة على خلفية إعلان المركز الوطني لتطوير المناهج عن بدء تدريس "الديمقراطية والمشاركة في الحياة العامة" لطلاب الصفين العاشر والأول ثانوي.

وقال وزير التربية والتعليم السابق، تيسير النعيمي، إن "تدريس الديمقراطية في المدارس خطوة مهمة وضرورية، خاصة أنها تأتي استجابة للتحول السياسي الذي نشهده".

وأضاف النعيمي أن الخطوة "تتماشى مع نتائج تحديث النظام السياسي"، مبينا أن "الطلاب في الفئة العمرية من 16 إلى 17 عامًا على وشك الحصول على مزايا دستورية، مثل الحق في التصويت والانتخاب، سواء للبلديات أو للبرلمان".

وأوضح أن "مثل هذا التحول في التنمية والتحديث السياسي هو عملية تراكمية، حيث يجب أن ننطلق من مؤسسات التجديد الاجتماعي، بما في ذلك الآباء والمدارس والجامعات".

وقال النعيمي إن "أحد العوامل الرئيسية لنجاح هذه التجربة الجديدة هو كيفية استخدام هذه المهارات المكتسبة في الفصل الدراسي"، داعيا إلى أن يتم توظيفها في أسلوب التعليم حتى لا يكون الطلاب مجرد مستمعين ومتلقيين".

وأشار إلى أنه "في حالة حدوث ذلك، فإن الهدف المنشود من تدريس هذا الموضوع، والذي يتمحور حول إحداث نقلة نوعية في السلوك الديمقراطي لطلابنا، لن يتحقق".

ولفت النعيمي إلى أهمية إجراء حوار ومناظرة بين الطلاب في صف واحد "خاصة وأن مقاربة الديمقراطية تبدأ من داخل البيئة المدرسية".

وشدد النعيمي على أن "انخراط الطلاب في مثل هذه الأنشطة سيجعلهم يكتسبون المهارات الصحيحة لتعلم قبول الآخرين واختلاف الرأي".

وقال: "أعتقد أن هناك تحديات بشأن كيفية تدريب المعلمين بشكل فعال، حيث يتعين عليهم الابتعاد تمامًا عن طريقة التدريس التقليدية، وإلا فلن نتمكن من تحقيق الهدف المنشود لتدريس هذا الموضوع."

من جهته، رأى الخبير التربوي، سامي المحاسيس، أن هذه الخطوة "في الاتجاه الصحيح، لأنها ستساهم في غرس روح المواطنة والمشاركة في الحياة السياسية والحزبية في نفس الوقت".

وأضاف المحاسيس: "يبقى الخوف من تشتت انتباه الطلاب، خاصة مع إدراج هذا الموضوع في مواد مثل التربية الوطنية والتاريخ، وعدم إبقائه مادة منفصلة".

وشدد المحاسيس على أهمية تسجيل علامات مقررات الديمقراطية في الشهادة النهائية "بحيث تؤخذ على محمل الجد والتركيز عليها لما لها من أهمية".

وقال المحاسيس إنه "من الضروري تنظيم لقاءات بين المعلمين وممثلي المفوضية المستقلة للانتخابات للتشاور حول آلية تدريس هذا الموضوع".

واقترح أن يتم تدريس هذا الموضوع في محافظتين من كل إقليم للحصول على ملاحظات من الطلاب وأسرهم ومعلميهم، وإذا نجح، يجب تدريسه في جميع المحافظات ولكل الأعمار.

وشدد المحاسيس على أهمية القيام بزيارات ميدانية للطلاب الى مجلسي النواب والأعيان "لتعريفهم بطبيعة المشاركة في الحياة السياسية والنيابية على الأرض".

بدوره، قال الرئيس السابق للمركز الوطني لتطوير المناهج، محمود المساد، إن الديمقراطية "يجب أن تُدرَّس في شكل نشاط لا منهجي، وأن تكون جزءًا من أسلوب حياة الطالب منذ الصف الأول".

وأوضح المساد أن "تنظيم الفصول والانتخابات المدرسية، على سبيل المثال، من شأنه أن يغرس بشكل كبير مفهوم الديمقراطية بين الطلاب، لذلك سيكون هذا تطبيقًا عمليًا على أرض الواقع"، مشددا على أن "هذا الموضوع لا يمكن تدريسه من خلال التعليم".

وأضاف: "إن هذه المادة تستند إلى مجموعة من السلوكيات التي يجب أن نتعود عليها منذ الطفولة، ويجب على من حولنا، الآباء والمعلمين، أن يكونوا قدوة حسنة لنا في هذا الأمر."

أما مدير إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم، صالح العمري، قال إن "مادة الديمقراطية لن تخضع للتقييم النهائي للطلاب، ولكن هذا لن يقلل من أهميتها لأنها ستعتمد على استراتيجيات الحوار. والنقاش، وبالتالي تعميق فهم الطلاب".

وأضاف العمري أن "هذا الموضوع سيشمل استضافة شخصيات من المفوضية المستقلة للانتخابات للحديث عن الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، ستكون هناك زيارات لمجلس النواب".

وبحسب العمري، "سيناقش الطلاب العديد من القضايا المحلية، مع التركيز على القضايا السياسية، كما سيناقشون قانون الانتخابات وقانون الأحزاب".

وتابع: "تشارك وزارة التربية والتعليم مع مختلف الهيئات والمؤسسات لمناقشة أنسب طريقة لتدريس هذا الموضوع، لأهميته، وبالنظر إلى أن الطلاب في سن 16 و 17 عامًا يدخلون مرحلة جديدة في حياتهم تشمل مختلف الحقوق والواجبات وعلينا مساعدتهم ودعمهم".