المطبات في شوارعنا.. أم في رؤوسنا!

محمد حسان الذنيبات 

بدأت قيادة السيارة في كندا منذ أن وصلت إليها واكثر ما استغربته خلال تلك الفترة هو أنني لم أواجه سوى مطب واحد خلال فترة الثلاث سنوات و نصف، كتمت ذلك في نفسي حتى ركبت بجانب أحد الإخوة الأردنيين فقال لي وهو يشرح كيف أنهم لم ينجحوه في إمتحان السواقة المرة الأولى حين مر من منطقة فيها مدرسة ولم يخفض سرعته إلى السرعة القانوينة في تلك المنطقة وهي 30-40! 

 

و مكمن اعتراضه حسب خبرته السابفة وقد ساق السيارة 10 سنوات في الأردن و مثلها في أحدى الدول العربية أن الأصل أن يضعوا مطب لينبهوا السائق على دخوله إلى المنطقة الخاصة!
 
ابتسمت وقلت له متعالماً -وربما سؤاله راودني كثيرا - "الشواخص والاشارات المرورية والعلامات التحذيرية والاضاءات الصفراء والحمراء تملئ المنطقة الا يكفي هذا ليحذر السائق عن كل تلك المطبات التي تشوه الشارع و تفسد المركبات ؟!" ثم اضفت "صحيا وانسانيا  أيهما خير؟ .. أن يكون التحذير ملوناً على مستوى نظرنا نراه و نتفاعل معه أم يكون شيء قاسياً يفاجئنا ويخرج من اسفلنا يخلخل أعمدتنا الفقرية ولا تسلم منه أحواضنا ؟!" ضحكنا ونحن نتذكر الخوازيق الكثيرة التي تأقلمنا معها في بلادنا و أصبحت جزءا من حياتنا اليومية التي نحن إليها إذا ابتعدنا عنها!
 
ثم تذكرت ما أخبرني به أحد المهندسين الأردنيين الذين يقيمون في كندا منذ اكثر من 10 سنوات وهو  يعمل في احدى الشركات ويحمل الرخصة الدولية منذ أكثر من 25 سنة ولكنه في أول وصوله إلى كندا أصيب بالرعب لا من قيادة السيارة وإنما حتى من المشي في الشارع فشوارعهم كما يقول بدت له أول الأمر شيئا يحتاج إلى كاتلوج فالاشارات هنا حازمة ولها قواعد ثابتة وألوان الشواخص كذلك حازمة و لا تحابي من لا يعرفها أو لا يلتزم بها. 

طبعا كل هذا الأمر تجده فقط في ذاكرة شخص حاد الذاكرة أو رجل يسجل يومياته في كل ليلة والا فالقضية بعد الأسبوع الأول أبسط بكثير! فالطرق هناك -اقسم بالله- لا تختلف عن طرقنا شيئاً لا من حيث جودة الإسفلت ولا من حيث المنعرجات فيها والظروف الجوية هناك في كندا أصعب والهطول الثلجي السنوي يفعل فيها فعله بحيث يتعذر تجديدها سنوياً ولذلك ليس بعيداً أن تمر بشارع محفر و متكسر لكنك من المستحيل ان تمر في شارع تغيب عنه شاخصة مرورية في مكان ضروري، لا يمكن أن يحدث هذا!

أخ أردني آخر و هو صديق عزيز الآن قبل أن التقيه أول مرة عرفته من بعيد وهو قادم بسيارته, ملتزم بكل التعلميات المرورية غير أنه الوحيد من بين العشرات يخرج يده من السيارة فقلت له ذلك بعد أن اقترب حتى اضحكني حينما قال لي أن انظر إلى نمرة سيارته اذ كان قد وضع اسم عشيرته الكريمة على نمرة السيارة فالنمرة هنا كما تعلمون احرف وارقام وهذا مما اسعدني أنه يحمل افتخاره معه في مكان لا يعرف كل هذه الأسماء.

اختصاصي أمراض و زراعة الكلى

من يوميات طبيب أردني في كندا (١)