"تخصص لمكافحة الفساد أم تخصص شفافية وحاكمية رشيدة؟"

كتب أ.د. محمد الفرجات

عندما نقرأ لوحة تقول "طب الأمراض المعدية" فنقر لا محالة بأن هنالك أمراضا معدية قد تصيب البعض وبحاجة للعلاج، والسبب ببساطة هو أن أي إنسان معرض في المجتمع لمرض معدي ولا يمكن تجنب ذلك الأمر، بالمقابل لا نقول مثلا "طب سقوط الطائرات على الرؤوس" لأنه وببساطة متوقع من الطائرات أن تصل هدفها بسلامة وأن لا تسقط على الرؤوس.

لفت إنتباهي بالأمس توجه جامعتنا الأم الجامعة الأردنية لتدريس تخصص "مكافحة الفساد"، وهذا يعني بتقديري بأن الفساد متجذر لدينا وظاهرة مزمنة ولا حلول لها، وأن دواعي الشفافية والنزاهة والحاكمية الرشيدة لا تفيد.

نعم هنالك فساد مالي وإداري وقانوني وفني وإعلامي وسياسي وتعليمي... إلخ، ولكن الأمر في النهاية لا يعني الإستسلام لها، بل التوجه للحوكمة الإليكترونية التي تحد من الفساد بأشكاله، وإلى الرقابة وتطبيق القانون والشفافية، وبالمقابل تنمية وازع المسؤولية والنضج المؤسسي، وتنمية الوازع الرادع أمام الدين والشرف والأخلاق لكي لا يقترف أحد أي نوع من أنواع الفساد. 

الحقيقة هي أننا حولنا الأمر بتسمية السرقة فساد والسارق فاسد، لا يا سادة هي سرقة وهو لص سارق يستحق قطع اليد التي سرقت. 

نقول: درسوهم في مساق خاص النزاهة والشفافية ودواعي الحاكمية الرشيدة، وأن وطنك بيتك وقارب الجميع الذي يجب أن لا يغرق.