بالوثائق.. اتهام وزارة العمل بالتواطؤ مع "لافارج"

ما تزال التداعيات الناتجة عن إعسار شركة مصانع الإسمنت (لافارج) وإقرار خطة إعادة تنظيمها المثيرة للجدل، تتواصل على أكثر من صعيد، وسط تساؤلات عن مدى صحة وقانونية إجراءات تم اتخاذها لصالح الشركة، من قبل الرافضين لإجراءاتها.

القضاء كان وافق بصورة قطعية على إعسار لافارج في أيار (مايو الماضي)، وتم قبل مدة قصيرة وبعد جدل كبير، إقرار الهيئة العامة لدائني الشركة يتم بموجبها إعادة تنظيم وتسوية الديون مع الدائنين.

ومن أبرز النقاط التي أثارت جدلا واعتراضات في الخطة، هي تسوية ديون الشركة مع البنوك على حساب أراض واسعة في مدينة الفحيص بمحافظة البلقاء، الأمر الذي أثار حفيظة السكان هناك، لا سيما مع تهميش دورهم وحقهم في تحديد مصير أراضي مدينتهم، علما أنها مستملكة ولا يحق للشركة وحدها التصرف بها.

أما أحدث التطورات المثيرة للريبة وفق ما تكشفها مصادر لصحيفة أخبار الأردن الإلكترونية، فهي اتهامات يوجهها معنيون بملف القضية، حول تواطؤ وزارة العمل مع "لافارج"، وقيامها بإجراءات استبدل خلالها النقابة العامة للعاملين في البناء باجتماع إقرار خطة الدائنين، بالنقابة العامة للعاملين في المناجم والتعدين والإسمنت، رغم أنه ومنذ تأسيس لافارج، وحتى بعد خصخصتها عام 1998، فإن المعتمد والمعني هو النقابة العامة للعاملين في البناء. 
 
ووفق المصادر، "طلب رفيق الدويك، وكيل الإعسار، بتاريخ 28/6/2022 من نقابة عمال البناء تسمية ممثل العمال لغاية حضور اجتماع الدائنين في 10/8/2022؛ وردّت النقابة على كتاب الدويك برسالة مؤرخة في 4/7/2022 تبلغه فيها بان رئيس نقابة عمال البناء، محمود سالم الحياري، هو الذي سيمثل العمال في الإجتماع المشار إليه. فكيف حضر إذن خالد الفناطسة الاجتماع، وليس محمود الحياري؟، ألا يبدو الأمر غريباً؟ أو أن ثمة سر في الموضوع؟".

وأضافت المصادر، "هنا لا بد أن نعود إلى موقف نقابة عمال البناء من خطة إعادة تنظيم الشركة والتي تتعرض في بنودها إلى اتفاقات عقدت مع 78 موظفاً (وليس مع نقابة عمال البناء)، وتشترط على العمال بأن يتعهدوا بعدم القيام بأي إضراب أو اعتصام أوحتى توزيع مطبوعات في حال موافقتهم على «الصفقة»!! (حتى وزارة العمل لم تجرؤ على ذلك !)".

وأشارت إلى أن "موقف نقابة عمال البناء كان رفض خطة إعادة التنظيم الجديدة الصادرة عن وكيل الإعسار، وذلك لمخالفتها قرارات المحاكم والاتفاقيات العمالية، ولاعتدائها على الحقوق المكتسبة للموظفين. وكانت النقابة قد أبلغت رئيسة محكمة بداية السلط ووكيل الإعسار بملاحظاتها على ما ورد في الخطة بخصوص الموظفين وحقوق العمال". 

أما "الضربة التي كسرت ظهر البعير" على حد تعبير المصادر، فهي "الرسالة المؤرخة في 13/7/2022 الموجهة إلى وزير العمل من رئيس نقابة عمال البناء، محمود سالم الحياري، وينهيها ـ بعد تأكيده مجدداً على إيمان النقابة بالحوار ـ بالعبارات التالية: (وبناء على قرار اللجان النقابية في كل من مصنعي الرشادية والفحيص، فإننا نمهل إدارة الشركة (لافارج) ثلاثة أسابيع، اعتباراً من تاريخ 13/7/2022 للرد، وفي حال عدم الرد (على مطالب النقابة) فإنه من حقنا إعلان إضراب واعتصام عن العمل لنيل حقوقنا. وأبلغت الشركة بهذا القرار أيضاً".

وبحسب المصادر، "هنا، جن جنون إدارة شركة لافارج، خصوصاً وأن ذاكرتها لم تنس بعد دور عمال الشركة في إفشال عقد اجتماعين للهيئة العامة للدائنين، كانت مواعيدها قد حددت سابقاً (في أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر 2021)؛ إذ حاصر العمال مكان انعقاد الاجتماع، وكان فشلاً ذريعاً لإدارة شركة لافارج. وتقول مصادر عمالية بأن الاعتصام الذي كان مقرراً في 10/8/2022 كان متوقعاً أن يشارك فيه أعداد أكبر من العمال مقارنة بما جرى في السابق". 

وأضافت، "بتاريخ 18/7/2022، وجّه وزير العمل، نايف استيتيه، كتاباً إلى رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن، مازن المعايطة، يبلغه فيه بالقرار رقم 45/2022 تاريخ 18/7/2022 الخاص بتصنيف الصناعات والأنشطة الاقتصادية التي يجوز للعاملين فيها من تأسيس نقابات تمثلهم. وفي هذا التصنيف الجديد سحب نشاط صناعة الإسمنت من نقابة عمال البناء، وأضيف إلى «المناجم والتعدين»، وذلك للحيلولة دون حضور ممثل نقابة عمال البناء للاجتماع المنتظر!".

وتتساءل المصادر، "هل يستطيع وزير العمل أن يفسر لنا لماذا جاء قراره بعد 5 أيام فقط من الكتاب المؤرخ 13/7/2022 المرسل من رئيس نقابة عمال البناء الذي يبلغ فيه عن قرار تنظيم إضراب واعتصام خلال ثلاثة أسابيع، أي قبل أيام من اجتماع هيئة الدائنين؟، هل جاء ذلك كله بمحض الصدفة!!".

كما وجهت المصادر سؤالا آخر للوزير، "كيف تقول في تبرير التصنيفات التي اعتمدتها بأنها تستجيب للمعايير العربية والدولية، في الوقت الذي تعتبر فيه هذه المعايير  تبعية عمال صناعة الإسمنت إلى نقابة عمال البناء، كما هو الحال في جميع الدول العربية والأغلبية الساحقة من دول العالم؟! والكثير من الناس يتساءلون باستهجان: ما علاقة الإسمنت بالمناجم والتعدين؟". 

وقالت المصادر، "إن السر في استبدال نقابة عمال البناء بنقابة المناجم والتعدين أصبح واضحاً، ويُشكّل سوء استخدام للسلطة يجب أن يُعاقب عليه؛ إذ استجاب وزير العمل للضغوط التي مارستها عليه شركة لافارج أو جهات أخرى نافذة او متنفذة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من أجل استبعاد نقابة عمال البناء والإتيان بممثل ترضى عنه الشركة، حتى لو لم يكن له علاقة بالعمال العاملين فيها".

وطالبت المصادر بأن يتم اعتبار "ما جرى باجتماع هيئة الدائنين في 10/8 باطل ونتائجه باطلة"، بالإضافة إلى فتح تحقيق بملابسات ما حدث. 

وقامت صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية، بالاتصال مع عدد من مسؤولي وزارة العمل بينهم الوزير للحصول على ردود أو توضيحات، إلا أن لم تتلق أي رد.