الزراعة .. اهتمام ملكي متواصل
نفين عبد الهادي
تُفاقم طبيعة الأحداث التي تشهدها المنطقة والمرحلة بكافة تفاصيلها، من اضطرابات أمنية واقتصادية وتغيير مناخي والتلوث البيئي وجائحة كورونا وغيرها، من مشاكل الأمن الغذائي ليجعل تحقيقه أولوية، تتقدّم على أي جوانب أخرى، وضرورة وضع خطط وبرامج عملية لتحقيقه وجعله حاضرا بصورة حقيقية وبأبعاد حيوية يمكن وضعها حيّز التنفيذ، قبل أن نجد أنفسنا كما كثير من الدول أمام أزمة حقيقية بهذا الجانب.
وأوسع مدخل لتحقيق الأمن الغذائي المؤكّد والناجح، بطبيعة الحال يكون من خلال الزراعة، فالاهتمام بهذا القطاع الحيوي، بناء منظومة نموذجية خاصة بالغذاء، وحتى بالبيئة وبالبطالة والفقر، ففي تمكينه وتعزيزه وتطويره بناء لتراسنة قوية لمواجهة الكثير من تحديات المرحلة وحلول للكثير من مشاكلها.
الملك عبد الله الثاني، انطلاقا من حرص جلالته على المتابعة الدورية للتقدم في العمل لتطوير قطاع الزراعة، اطلع أمس على تقدّم سير العمل بالخطة الوطنية للزراعة المستدامة للأعوام (2022 – 2025)، ودعا الحكومة إلى تسريع الإنجاز في تنفيذ محاور الخطة، والتي تتضمن الاستفادة من أراضي الدولة للمشاريع الزراعية، بتأكيدات من جلالته على «أهمية التواصل المستمر مع المواطنين في مختلف المناطق ووضعهم بصورة المشاريع الزراعية في مناطقهم، ليكون لهم دور في إنجاحها واستدامتها لتنمية مجتمعاتهم»، صيغة في منتهى الأهمية لعمل زراعي متكامل يحقق غايات كثيرة وأبعد كثيرا من مجرد اهتمام بهذا القطاع الحيوي، ففي رؤى جلالته توجيه بدمج المجتمعات المحلية في الزراعة، ليكونوا جزءا من نجاح القطاع واستدامته وبالمقابل يكون عاملا تنمويا للمجتمعات المحلية وتوفير فرص من خلاله.
وفي إشارة ملكية هامة، لفت جلالته «إلى ضرورة تكامل تنفيذ الخطة الوطنية للزراعة مع خطة الأمن الغذائي، مؤكداً أهمية أن يكون هنالك تصور واضح حول أهم متطلبات تعزيز الأمن الغذائي، لتوفير الدعم اللازم لها» وفي ذلك معادلة نموذجية في مواءمة بين الزراعة والأمن الغذائي، الذي بات اليوم هاجس دول العالم كافة، ربما زادت وتيرة القلق بشأنه الحرب الروسية الأوكرانية، التي ضاعفت من تحدياته، ليضع جلالة الملك هذه المعادلة في تطبيقها محليا ضرورة بأن تنفذ الخطة الوطنية الزراعية، وأن يكون هناك تصور لأهم متطلبات الأمن الغذائي، مؤشّرا جلالته أيضا في هذا السياق لجانب هام بأن يقدّم الدعم اللازم لتحقيق هذا الجانب الهام خلال المرحلة الحالية.
اهتمام ملكي بقطاع الزراعة، هذا القطاع الذي يعدّ ثروة حقيقية في حال استثماره بصورة عملية، والاستدامة به جانب هام كذلك، فمن خلاله يصل الأردن لمواجهة الكثير من التحديات، كما وجّه جلالة الملك في لقائه أمس، وفي لقاءات وحوارات سابقة، فطالما وضع جلالته هذا القطاع الحيوي في مكانه الصحيح، سعيا لتطويره وتمكينه، وجعله أولوية اقتصادية وتنموية، يناط به تحقيق الأمن الغذائي، وحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي، ومواجهة البطالة والفقر وغيرها من الأهمية التي يحققها الاهتمام بهذا القطاع.
هذا القطاع الهام، والذي أعلنت الحكومة أن حجم استثمارات القطاع الخاص في المشروعات المنجزة من الخطة بلغ نحو 59 مليون دينار، فيما وفّرت هذه المشاريع 8819 فرصة عمل، وتدريب 1250، عمليا يحقق الكثير من الحلول العملية لتحديات ومشاكل متعددة، جاعلا منها فرصا تحقق التنمية المستدامة، بإجراءات عملية يلمسها المواطنون ويعيشون تفاصيلها على أرض الواقع، بل ويساهمون بتحقيقها.