الحوادث المفتعلة.. حنكة واستغلال وتحول بالقيم المجتمعية
باتت ظاهرة الحوادث المفتعلة وخصوصا حوادث السير، تمثل بعدا مجتمعيا خطيرا له أبعاده وتأثيراته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وخصوصا أن مثل هذه الحوادث قد يترتب عليها خسائر بشرية وخسائر في الممتلكات المادية.
وتشير الاحصائيات الرسمية إلى المحاكم النظامية في المملكة، استقبلت خلال الفترة من 2017-2021 ما يقارب 600 قضية لحوادث سير قام أصحابها بافتعال الحادث، بحثا عن تعويضات مالية من شركات التأمين، وبعد سلسلة جلسات في المحاكم وصلت إلى 306 قضايا إلى الحكم بإدانة مفتعلي هذه الحوادث.
وترى الخبيرة القانونية الدكتورة نهلا المومني، أن المشرع الجزائي نظم بصورة عامة جريمة اختلاق الجرائم واختلاق الأدلة المادية عليها في المادة 209 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960، مشيرة إلى أن المشرع جرم كلا من أخبر السلطة القضائية أو أية سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية عن جريمة لم ترتكب، وكلا من كان سببا في مباشرة تحقيق تمهيدي أو قضائي باختلاقه أدلة مادية على جريمة كهذه، عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على 10 دنانير أو بكلتا هاتين العقوبتين.
وأشار في تصريحات صحفية إلى أن المشرع الجزائي قام عام 2017 بتعديل المادة 415 من قانون العقوبات والتي تجرم ابتداء جريمة الابتزاز وجلب منفعة غير مشروعة، حيث نصت الفقرة الثالثة على أن تكون عقوبة الحبس مدة سنتين وغرامة مقدارها 50 دينارا اذا تعلق الأمر المزعوم بحادث مروري وان لم ينطو على تهديد أو لم يكن من شأنه النيل من قدر هذا الشخص أو من شرف أحد أقاربه.
في ذات السياق، رأى الخبير التأميني شاهر العواملة، أن مثل هذه الحوادث تؤثر سلبا على بيئة الاستثمار وشركات التأمين، معتبرا أن الحل في مثل هذه الحوادث المفتعلة يكمن بالعقوبة الرادعة وخصوصا لمن يكررون مثل هذه الجرائم.
وأضاف في تصريحاته أن افتعال مثل هذه الحوادث ليس مقتصرا على حوادث السير بل إن هناك افتعالا في بعض نسب العجز خاصة الحوادث التي ترافقها إصابات بشرية.
أستاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين، رأى أن مثل هذه الأفعال تمثل منظومة سلوكية جديدة من حيث الحنكة في الاستخدام، عبر الاستغلال وتحقيق الربح السريع دون بذل مجهود.
وأضاف في حديثه لصحيفة أخبار الأردن الإلكترونية، أن مثل هذه الأفعال تؤكد على تحول القيم في مجتمعنا، وخصوصا القيم الاخلاقية، وعليه يتم الايقاع باشخاص يهمهم سمعتهم ومكانتهم، لتحقيق مكاسب مادية.
وشدد محادين على أهمية التوعية الأمنية حول مثل هذه المواقف، وعدم التردد بالاتصال بالأجهزة الأمنية، للابلاغ عن مثل هؤلاء الأشخاص لينالوا الجزاء القانوني.
يذكر أنه ووفقا لأرقام وبيانات إدارة السير، فـ أن عدد الحوادث المفتعلة المسجلة لديها للعام الماضي 2021 بلغ 119 حادث سير مفتعل، مشيرة إلى أن الحوادث تشمل حوادث السير المفتعلة وحوادث الدهس المفتعلة.