تحديث القطاع العام لتعزيز الإصلاح الشامل
ينال برماوي
بإطلاق الحكومة خطة التحديث الإداري نكون أمام أكبر برنامج لاصلاح القطاع العام الذي شهد تراجعا في أدائه خلال السنوات الماضية لأسباب مختلفة أهمها الترهل والبيروقراطية والواسطة والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص و اقصاء الكفاءات وتجميدها وفي معظم الأحيان برامج التدريب شكلية ولا تتعدى سعي الموظف للحصول على عدد ساعات تدريبية لغايات الترقية دون أن تلامس تلك البرامج احتياجاته الفعلية وارتباطه بعمل الوزارة أو المؤسسة لجهة تجويد الخدمات ورفع كفاءة الجهاز الحكومي .
لم تفلح المبادرات السابقة التي كانت توجه لاصلاح القطاع العام كليا أو جزئيا لانها لم تكن مدروسة وتناولت معالجات سطحية فقط مثل التقاعد المبكر الذي افقر الجهاز الحكومي من الكفاءات كون التنفيذ كان شموليا وعاما بدون أي أسس « قلم قايم» فتساوى أصحاب الخبرات والكفاءات مع الأحمال الزائدة وفي النهاية كل منهم تقاضى نفس الراتب وانضم الى صفوف المتقاعدين .
كما فشلت محاولات وضع نظام عادل لتقييم الموظفين لدرجة أن غالبية العاملين في الوزارات والوحدات الحكومية تقديرهم السنوي ممتاز ما يعني أن أداء تلك الوزارة أو المؤسسة في درجة متقدمة لكن الوقع بخلاف ذلك تماما .. ويضاف الى ذلك طريقة الغاء ودمج مؤسسات مستقلة بشكل لم يحقق الأهداف المرجوة فاحد الهيئات الملغاة تم دمجها في 3 جهات أخرى لعدم اتضاح الرؤية والتسرع في اتخاذ القرار.
مسار الاصلاح الشامل في المجالات السياسية والاقتصادية يتطلب تعزيز كفاءة القطاع العام وجعله أكثر قدرة على التعاطي مع متطلبات المرحلة ومواكبة عمليات التحديث والتطوير من خلال الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمتعاملين مع الوزارات والمؤسسات الحكومية من مستثمرين ورجال أعمال وزوار للمملكة وتغيير الانطباع السلبي عن الجهاز الحكومي والبيروقراطية التي يعاني منها .
تقليص عدد الوزارات والمؤسسات الحكومية بالدمج أو الإلغاء مهم لكن الأهم التركيز على تعزيز امكانات الموظفين وتقديم الكفاءات وعدالة التقييم والتعيين في كافة الوظائف القيادية والاعتيادية واعادة النظر بآليات العمل واستكمال مراحل الرقمنة وتسريعها وتطوير بيئة العمل وخاصة للجهات ذات التعامل المباشر مع الجمهور .
خارطة الطريق حددت سبعة مكونات كأولوية قصوى للتحسين والتحديث تشمل الخدمات الحكومية والإجراءات والرقمنة والهيكل التنظيمي والحوكمة ورسم السياسات وصنع القرار والموارد البشرية والتشريعات والثقافة المؤسسية وهي بالفعل مرتكزات أساسية لما يدور الحديث عنه باستمرار ويحتاج الجهاز الحكومي .
مرة أخرى .. القول بوجود برنامج طموح لإصلاح القطاع العام وننتظر التطبيق .