3 ملاحظات عن الهجرة النبوية

الدكتور محمد الذنيبات

 

١-  الهجرة النبوية في القرآن لم تعلق عليها سورة واحدة كما حصل مع الأحداث والمعارك العسكرية 
 وإنما ذكرت في كل من (البقرة وآل عمران والنساء والأنفال والتوبة والنحل والحج والممتحنة والتغابن والحشر) وفي كل سورة كان إبرازًا لمعنًى مقصود يستحق الوقوف معه فطريق الهجرة والاعداد لها مدرسة متكاملة للمسلمين عبر العصور.

 

٢- خروج النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن خروج موظف من مكان قريب إلى مكان اخر بعيد ولا خروج طالب رزق وإنما خروج تخطيط ووعي بمرحلة جديدة ستقلب الجزيرةالعربية كاملة وقد تفتحت عينه قبلها على احداث ومعادلات دولية مقبلة على الفراغ (غلبت الروم في أدنى الأرض) والقصد تغيير حال المنطقة بعد أن وجدت العصبة وتوفرت الأرض والبيئة استعدادا لبناء النموذج وتمهيدا لتغيير يطال الدنيا كلها 
وهذا الوعي الذي يرى الخطوات التي تبدوصغيرة قليلة جزءً من مشروع كبير ومقدمة له تحتاج إيمانا يكتمل وثقة تستوي ويقينا يمتلئ واصرار غير عادي
ويفسر كل التحمل الذي حصل (ومن هنا لا يعتري النفسَ مللٌ، ولا الجسم كلل؛ لأن أشواقه ممتدة إلى المستقبل البعيد).

٣- في الهجرة تطبيق لقانون السببية من خلال الأخذ بالأسباب بل بأفضلها وأحسنها (الشواهد كثيرة جدا من لحظة الخروج ولحظة الاستعانة بالدليل والاختباء بالغاز وقبلها اختيار الرفيق وتأمين خروج الاتباع) فلوأراد لطلب الله أن يفتح له قلوب أهل مكة التي سيعود اليها لاحقاً ليستقبلوا دعوته وينهضوا لها لكنه اراد أن لا تكون البداية الفعلية خارقة للعادة البشرية لأنه سيحتاجها مرارا في التاريخ وحتى يظل عقل الداعية وتفكيره مستمرا في البحث عن وسائل تخدم دعوته والعمل على خلق بيئات تسارع في تقدمها وتحقيقها لأهدافها الكبرى.