الشباب وتفكير الملك

أحمد الربابعة

الشفافية والصراحة والوضوح سماتٍ تصدرت الحديث الملكي، الذي اجرته صحيفة الرأي مع جلالة الملك يوم السبت الماضي، إذ وضع يده على الجرح تماماً، فتارة وجه، وتارة حث، وتارة شخص الواقع ووضع حلولا مناسبه، وتارة أخرى أثار بحديثه شجون الشباب الأردني المتطلع لمستقبل أفضل لوطنه، ملقياً امانة الوطن على اعناقهم، ومخاطبًا إياهم بتلقي المشاريع الإصلاحية السياسية والاقتصادية والإدارية، بروحٍ وطنية تجعل منهم شريكاً حقيقياً في العمل السياسي.

 

"من المهم أن يكون الحوار هو الأساس لإقناع الشباب بالبرامج التي تعبر عن تطلعاتهم وافكارهم"، حديث الملك هنا حديث فرد من أفراد الشعب، إذ جسد أحد المعضلات الحقيقية التي يعانون منها الشباب اليوم فما أحوج الشباب إلى مساحة آمنه وفاعله للحوار في خريطة الإصلاح والحياة الحزبية والنهوض بالوطن، مشدداً جلالته على ضرورة البدء من هذه اللحظه "لا يمكننا إضاعة المزيد من الوقت".

 

"بناء نموذجاً أردنياً" جلالته في هذه العباره دفع الشعب والدولة بجميع أركانها أن يبدأو العمل لجعل الأردن وجهة في الحياة الديموقراطية الحزبية الوطنية الصحية، فحث الحكومة هنا على تسيهل الطريق أمام المشاريع الإصلاحية، ودعانا نحن الشباب أن نتحالف مع مصالحنا الوطنية بعدما حقق لنا أحد احلامنا وهو الانتقال من العمل الفردي إلى العمل الجماعي المنظم، من خلال نظام القائمة الوطنية ونظام العتبة الإنتخابية.

 

تشكيل جلالة الملك للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وإطلاق يدها لإفراز قانوني انتخاب واحزاب اللذان يواكبان مرحلة دخول الأردن إلى مئويته الثانية؛ إذ يعدان قوانين دولة فهما ينظمان الحياة السياسية الأردنية، وتسمية اللجنة بهذا الاسم الدقيق، دلالةً على أننا لسنا بحاجة إلى إصلاح بقدر ما نحن بحاجة إلى ردةً إلى تاريخنا السياسي المجيد؛ فقد بدأت الحياة الحزبية في الأردن منذ عام ١٩٢٧ عندما تأسس حزب الشعب الأردني، إذ بإعتقادي أنه مشروع إنتاجِ نخب، فهذان القانونيين ينتجان ويخرجان مجتمع الشباب والعلماء والمرأة ليشاركون في الحياة السياسية، دون توجيه اللوم لفريق النخب القدامى بتشكيلهم لأحزاب وإعادتهم لتشكيل انفسهم في الحياة السياسية ، فالمشاركة هي الحل.

 

"لا يكفي أن نستغرق الوقت في نقد الوضع الحالي، بل يتعين علينا العمل لتغييره لمواصلة تحقيق أهداف التحديث"، واحدةٌ من أهم القضايا التي تواجه الشارع الأردني وتحدث عنه جلالة الملك في الوقت الحالي ألا وهي الشعبوية، التي تعظم السلبيات دون ذكر الايجابيات، دون اقتراح الحلول، فكشاب أردني اوجه لهم رساله "اتركوا التنظير في المعركة وشاركوا في الانتصار"، فالوطن اليوم يحتاج الإصلاح ويحتاج أن نبدأ بإصلاح انفسنا، ورفع الهمم ودعم المشاريع الإصلاحية والتفكير بحلول منطقية تنهي ما نواجهه من تحديات ومعضلات.

 

لا يزال محور الشباب ومشاركتهم في العمل السياسي، الحديث الأهم من وجهة نظري كيف لا، وهم يشكلون ما نسبته 68٪ من المجتمع الأردني، ولعل من أبرز المقترحات التي قدمتها بين يدي جلالة الملك في الاحتفال العشرون لتأسيس صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، عن الحياة الحزبية في الجامعات وإدخال قانوني الانتخاب والاحزاب للجامعات، فعرضت فكرتي على جلالة الملك وهي استنساخ السلطتين التنفيذية و التشريعية في الجامعات من خلال إدماج مجلس اتحاد طلبة الجامعه مع مجلس العمداء لنشركهم في إدارة الجامعه، ليتعلموا كيف تدار الدولة وكيف تحدد سياستها كيف تصرف موازنتها وكيف تأتي إيراداتها وكيف نراقب عمل الحكومة، ويتم انتخاب اعضاء مجلس اتحاد الطلبة حسب قانون الانتخاب، أي أننا قمنا بمحاكاةٍ لقانون الانتخاب لغالبية المجتمع، ولنحثهم على المشاركة في صناعة القرار، وهذا هو هدفنا.