من يتحمل مسؤولية ارتفاع أسعار الأدوية في الأردن؟
عماد عبد الكريم
يعد ملف الأسعار المرتفعة للدواء في الأردن، أحد القضايا الضاغطة على المواطنين وتفاقم معاناتهم، حيث يثار الملف على نطاق واسع في هذه الفترة، بعد قرار حكومي يمنع المسافرين من إدخال الأدوية معهم إلى المملكة.
وجرت العادة أن يطلب المرضى الأردنيون من أصدقائهم ومعارفهم القادمين من الخارج إلى المملكة، بإحضار بعض أصناف من الأدوية العالمية المعروفة لعلاج أمراض مزمنة كالسكري أو الضغط وغيرها، وذلك بسبب فارق السعر عن الأسعار التي تباع فيها داخل الأردن والتي تصل أحيانا إلى عدة أضعاف سعرها في الخارج.
خلال الأيام الماضية، ضج الشارع على الحكومة والجهات الرسمية، متسائلا حول كيفية تسعير الأدوية في الأردن وطبيعة ودور عمل اللجان المختصة بذلك، ولماذا هناك فرق كبير في الأسعار بين الأردن وعدد من الدول المجاورة؟.
الحكومة من يتحكم بالأسعار
من جهته، قال نقيب الصيادلة الأسبق زيد الكيلاني، إن الدواء يعتبر السلعة الوحيدة التي تكون مسعرة في الأردن وعليها رقابة مستمرة، مشيراً إلى أن الآلية في التسعيرة للأدوية وتسجيلها من مهام المؤسسة العامة للغذاء والدواء التي تعتمد في ذلك على كثير من اللجان المختصة.
وبين في تصريحات لصحيفة أخبار الأردن الإلكترونية، أن مقارنة وضع الأردن في أسعار الأدوية مع العديد من الدول تبين أنها متقاربة من حيث الأسعار لكن عند المقارنة مع تركيا ومصر تكون غير عادلة فيما يخص اسعار الادوية وذلك لأسباب متعددة ومنها اننا نقارن بدول رخيصة في الاسعار بسبب انخفاض أسعار العملة بتك الدول.
وأضاف الكيلاني، أن الدواء في تلك الدول يكون مدعوما من الحكومة بنسبة 50٪ من قبل الضمان الاجتماعي، إضافة إلى ان المصانع العالمية تقوم بالإنتاج من تلك الدول بسبب حجم السكان وزيادة التسويق فيها وبالتالي تكون أسعار الأدوية رخيصة لأنها لغايات البيع في الدولة المنتجة فيها وليست لغايات التصدير.
وقال إن هامش الربح في المستودعات والصيدليات مثبتة بقانون لم يتغير منذ عشرات السنوات، مشيراً إلى أن هذا الملف تم نقاشه من جهات متعددة ولم يتغير شيء لأسباب تتعلق بواقع الأسعار ومدى انسجامه مع التكاليف والخدمات الإدارية والتسويقية المتعلقة بالأدوية.
النائب فريد حداد رئيس اللجنة الصحية في مجلس النواب، اكد ان دور المؤسسة العامة للغذاء والدواء مهم وضروري لضبط استيراد الادوية من الخارج ومنع ادخال اي انواع تلحق الضرر بصحة المواطن لكن لابد من النظر الى صحة المواطن وقدرته في شراء الادوية خاصة ذات الاسعار المترفعة جداً، اضافة الى اهمية البحث عن اسباب هذا الفارق في اسعارها محلياً.
إحصائية رسمية
وتشير تأكيدات رسمية خلال لقاء عقد قبل عدة سنوات في مجلس النواب بدعوة من لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، وبحضور وزير الصحة ونقيب الصيادلة ومندوب جمعية مستودعات الأدوية ومدير عام الغذاء والدواء ومدير عام دائرة الشراء الموحد بوزارة الصحة، الى ان نسبة الربح على الدواء هي 45 % من سعره الاصلي، تتوزع على 19 % ربحا لصالح مستودعات الادوية و26 % لصالح الصيدليات.
الا أن توقعات مختصين تقول ان نسب الارباح التي تم الحديث عنها رسميا في الاجتماع المذكور (45 %) قد لا تكون دقيقة مع العديد من انواع الادوية، وان بعض المرابح تصل الى 300 % بأنواع كثيرة من الأدوية.
أرباح خيالة تصل إلى 700%
الصحفي نادر خطاطبة يسرد عبر صفحته الشخصية مقالات حول قرار مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء بمنع ادخال اي دواء من المعابر الحدودية، الا بموافقة المؤسسة، قائلاً "إن المواطن الاردني يستنجد بجاره المغادر لرحلة سياحية الى أنطاليا، ليزوده بأربع علب من دواء ضغط أو سكري مشهور، ومتداول محليا وعالميا، ولا ضرورة لفتوى المؤسسة وتدخلها، طالما حيتان السوق المحلي من منتجين أو مستوردين، هامش ارباحهم بذات الدواء يتجاوز 700 %، مقارنة بهامش ربح اقرانهم الأتراك، أو المصريين وغيرها".
واضاف، "نحن حقيقة نفتقر الى وجود الحكومات، والمؤسسات، بل على العكس، ما تمارسه تشاركية رسمية وخاصة، وأن أُطرت بتعزيز الشراكات بين المؤسسات حفاظا على امن المواطن الدوائي، الا ان حقيقتها شراكات للتغول على حقوق الناس، الذين وان اثقلهم المرض العضوي، تزيدهم قرارات الرسمي ثقلا ومرضا نفسيا، مرده أثقال الجيب واستنزافه".
واشار إلى أن "المفارقة التي تستحق التوقف، ان الحكومة وبتقرير رسمي لدائرة المشتريات الحكومية التي ترفد وزارة الصحة باحتياجاتها، قالت: إنها اشترت العام الماضي كمية ادوية بمبلغ 121 مليون دينار فيما ذات الكمية يبيعها الموردون في السوق للمواطن بـ480 مليونا، كما يعرض التقرير لنموذج اخر يقول فيه ان الحكومة اشترت مضادات حيوية بـ13 مليون دينار، فيما قيمتها في السوق المحلي بلغت 98 مليون دينار، اي بزيادة بلغت نسبتها 698% ، فهل الفحش والفجور، يحتاج الى اسناد رسمي اكثر من هذا؟؟".