ضيف اللّه ينظم قصيدة (واغُربتاه)
نظم الشّاعر أحمد حسن ضيف اللّه قصيدة (واغُربتاه)، التي يتحدّث فيها عن الغُربة القاسية التي نعيش آثارها اليوم حيث غربةُ الأهل وغربة الأصدقاء والأصحاب وغربة الأوطان .
ولعلّ مصطلح الغربة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحنين إلى الوطن الذي بدوره يُجسّد حبّ الوطن والشّوق إليه.
والمُتأمّل قصيدة واغربتاه يُدرك جليًّا حجم المُعاناة التي يعيشها المُغتربون على الرّغم من الدّخل المّادّي الذي يتقاضونه والذي يساوي ضريبة تلك الغربة، ولعلّ العاطفة تغلّبت على العقل في تفسير محتوى أبيات القصيدة والإنتقال فيها من حيرةٍ وألم إلى حسرةٍ وندم.
وَاغُرْبَتَاهُ! وَأَيْنَ الأَهْلُ وَالوَطَنُ
وَاغُرْبَتَاهُ! وَدَمْعُ العَيْنِ يَنْهَمِرُ
وَاغُرْبَتَاهُ! عَلى الدُّنْيا أُصَارِعُها
مَا بَيْنَ نَارٍ لَظَىً وَالنَّارُ تَسْتعِرُ
وَاغُرْبَتَاهُ! فَقَدْ أَصْبَحْتُ مُغْتَرِبًا
عَنِ الدِّيارِ فَإِذْ بِالقَلْبِ يَنْفَطِرُ
وَاغُرْبَتَاهُ! فَإِنِّي بِتُّ فِي هَلَعٍ
مِمَّا سَيَجْرِي تُرَى مَا الأَمْرُ مَا الخَبَرُ؟
وَاغُرْبَتَاهُ! فَقْدْ أُنْسيتُ مَا بَقِيتْ
فِي لاَحِظَيَّ مِنَ الأَحْلامِ أَدَّخِرُ
أعِيشُ فِي هَذِهِ الدُّنْيا عَلَى أَمَلٍ
أَنْ أَلْتَقِي صُحْبَةَ الأَخْيارِ أَنْتَظِرُ
وَأَرْسُمُ الخَطْوَ نَحْوَ الدَّارِ أَرْقُبُهَا
طَيْرًا يُلازِمُ أَسْرَابًا لَهُ أُخَرُ
حُرًّا طَلِيقًا يَجُوبُ الأَرْضَ يَقْطَعُها
مَا هَمَّهُ أَحَدٌ مَا هَمَّهُ الخَطَرُ
فَالحُوتُ يَهْوَى رُكُوبَ البَحْرَ مُعْتَلِيًا
فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ قَدْ يَنْفَعُ الحَذَرُ
وَالأُسْدُ فِي الغَابِ أَسْيَادٌ لَها وَطَنٌ
تُغَادِرُ الأَرْضَ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ
لَكِنَّني بَشَرٌ وَالنَّاسُ قَدْ خُلِقوا
مِنْ تُرْبَةِ الأَرْضِ يَوْمًا سَوْف أَدَّثِرُ
وَالمَرْءُ مَا عَاشَ فِي الدُّنْيا لَهُ أَمَلٌ
مَا ضَرَّني العَيْشُ لاَ مَا ضَرَّني القَدَرُ
أَيَّامُنا تَمْضِي في عَدٍّ وَقَدْ حُسِبَتْ
تَفْنَى وَنَفْنَا وَيَبْقى الصِّيتُ وَالأَثَرُ
فَاعْمَلْ لِآخِرَةٍ يَوْمًا تَصِيرُ لَها
بِالدِّينِ وَالحَقِّ أَهْوالٌ لَها كُثُرُ
إِنَّ الغَريبَ بِدَارٍ لَيْسَ يَسْكُنُها
مِثْلُ الغَرِيقِ بِبَحْرٍ مَا لَهُ بَصَرُ