نائب يكتب: المواطن لم يعد يحتمل الرفع تلو الرفع

 

 

كتب النائب المحامي زيد العتوم، منشورا في الفيسبوك أكد فيه أن المواطن الأردني لم يعد يحتمل الرفع تلو الرفع في الأسعار، سواء أكان أسعار المشتقات النفطية أو غيرها من السلع والخدمات.

ولفت العتوم إلى إن تسعيرة المشتقات النفطفية في الأردن تعتمد على شقين أساسيين، أولهما التكلفة الفعلية والثاني الضريبة الحكومية.

وتاليا نص المنشور ما كتبه العتوم:

 

 أعي تماما بأن ما سأكتبه هنا قد لا يكون للوهلة الأولى مرضيا عنه شعبويا ولكن من منطلق المسؤولية تجاه الوطن والمصلحة العامة وبعيدا عن محاولة جميع "اللايكات" فلا بد أن يبقى هنالك من يقول الحقيقة حتى ولو كان ذلك على حساب شعبوية الشخص وشهرته.

يقول غوستاف لوبون في كتابه الكلاسيكي "سيكولوجية الجماهير" ما معناه بأن الجماهير يحكمها العاطفة أكثر من الوعي والمنطق، وبأن الكلام البطولي يؤثر بالجماهير أكثر من تأثير المحاججة العقلانية. وهذا ينطبق على رفع أسعار المحروقات في الأردن. فمجرد أن يلقي أحدهم خطاب حماسي وبطولي ضد رفع أسعار المحروقات فعندها تجد الجموع يقفون خلفه وينددون بالقرار دون محاولة فهم الخلفية والتفاصيل.

في الأردن فإن فتسعيرة المشتقات النفطية تعتمد على شقين أساسيين، أولهما التكلفة الفعلية والثاني الضريبة الحكومية،  وبالتالي فإن دخل الحكومة من الضريبة على المشتقات النفطية ثابت بغض النظر فيما إذا ارتفعت الأسعار العالمية أو انخفضت، وإن ما يتم رفعه هو سعر التكلفة بحسب سعر الشراء من المصدر، وعندما تقوم الحكومة في أحد الأشهر بعدم رفع أسعار المشتقات النفطية في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار العالمية فإن ذلك يرتب على الخزينة تكلفة مالية، وبالنتيجة فإن من يدفع تلك التكلفة المالية في الأشهر التي تليها هو المواطن،  فأي تكلفة تتحملها الخزينة لا تأتي من جيوب الوزراء والمسؤولين وإنما يتم تحصيلها من المواطن عاجلا أم آجلا كون الأموال المتأتية لخزينة الدولة تأتي إما من الضرائب والرسوم التي تفرض على مواطنيها وإما من المساعدات الخارجية.

وعليه فإن عدم رفع أسعار المشتقات النفطية عند رفعها عالميا يعني بالنتيجة ترتيب دين على المواطن وعلى الأجيال اللاحقة والتي ستزيد من مديونية الدولة.

 

ما ذكرته هو الجانب غير الشعبوي من مقالتي، أما الجانب الشعبوي والمنطقي بنفس الوقت فهو مختلف.

إن رفع أسعار المشتقات النفطية وغيرها من الأساسيات كالخبز والمواد التموينية لا يمكن أن يستمر التعاطي معه بأسلوب الربح والخسارة فقط.

فالمواطن لم يعد يحتمل الرفع تلو الرفع، والضغط تلو الضغط، والوضع الإقتصادي المتراجع. ففي البلدان المتقدمة يوجد منظومة نقل كفؤة تساعد من لا يستطيع تحمل فاتورة المشتقات النفطية في التنقل دون استخدام سيارة خاصة. ويوجد تخطيط طويل الأمد للمدن الذكية بحيث يتم تصميم المدن بشكل يتماشى مع احتياجات المواطن.

 ويوجد دخل مناسب مع الاحتياجات الأساسية للمواطن، ويوجد معونات للضعيف والعاطل عن العمل وذوي الاعاقة وغيرهم. أما عندنا فقد ثبت فشل الحكومات المتعاقبة وصناع القرار من التخطيط السليم، وأصبح لدينا حكومات تسيير أعمال ومجالس تشريعية ورقابية خالية الدسم.

 وبالنتيجة فلا رقابة على الحكومات ولا حكومات برامجية ويسود نظام "الفزعة" في العمل دون تخطيط أو دراسة أو تمحيص أو رقابة.

 

اذا أردت أن أختار المشكلة الاكبر التي نعاني منها فهي أننا نولي الجانب الأمني أهمية أكبر بكثير من الجانب الاقتصادي. فبسبب الأمن يتم تعطيل المشاريع وتتغول السلطات على بعضها البعض ويتغول الغير عليها وبالتالي يصبح مستقبل الأردن مرهونا بقرار أمني وليس اقتصادي، وهنا يهرب المستثمر ويقل النشاط التجاري وتزداد البطالة والفقر و يصبح رفع أسعار المشتقات النفطية في غير مكانه. سمعنا الكثير الكثير من الوعود حول التسهيل على المستثمر وتذليل العقبات ولكن من تجربتي الشخصية فالماكنة لا زالت بطيئة جدا ولا زال هنالك الكثير من المعيقات التي تقف في وجه أي بصيص أمل في تحسن الوضع الاقتصادي

 

كلنا مع مصلحة الوطن ولكن كل منا يراها من زاويته. والزاوية التي أراها منها هي ضرورة أن يعمل الأمن ضمن اختصاصه الأصيل بالمنظور الضيق دون تغول على باقي الاختصاصات. فعندها يكون هنالك توازن ونعطي الخبز لخبازة.