كابوس الحوادث القاتلة.. على من يقع اللوم؟

عماد عبدالكريم

تصدرت أخبار حوادث السير القاتلة مؤخراً صفحات وسائل الاعلام والاتصال الاجتماعي لما تحمله من أحداث مؤلمة ومحزنة، وصدمة وذهول من أرقام وأعداد الوفيات بصورة أصبحت تضاهي وفيات الأمراض والأوبئة، فلا يكاد يمر يوما حتى نسمع أو نقرأ عن حادث سير يروح ضحيته عدد من الأشخاص. 

لم تصدر حتى اليوم إحصائية لوفيات الحوادث القاتلة منذ بداية العام الجاري، إلا أن أرقام الحوادث بشكل عام مرعبة ومقلقة، إذ سجلت إدارة السير في يوم واحد خلال الشهر الجاري 499 حادثا مرورياً على مستوى المملكة خلال 24 ساعة فقط ويعتقد أن الرقم يتكرر يومياً بأعداد متقاربة.  

تطوير منظومة السلامة المرورية 

وقال رئيس الجمعية الاردنية للوقاية من حوادث الطرق المهندس وفائي امسيس، إن هناك خلل في منظومة السلامة المرورية بشكل عام وهي بحاجة الى تطوير وتحديث لتواكب التطوير والتغيير الذي يحدث في مجال النقل، واستخدام الطرق الآمنة والحفاظ على أروح وحياة المستخدمين.

وبين امسيس في تصريحات لـ"أخبار الأردن" أن الجهات المعنية التي لها دور في كبير في هذا المجال من مؤسسات امنية ودفاع مدني وبلديات ووزارة اشغال وجمعية وقاية من حوادث الطريق، مطلوب منها تقديم الحلول وتعزيز الاجراءات للمساهمة في تخفيض نسبة تعرض مستخدم الطرق للحوادث وخاصة الحوادق القاتلة.

واشار الى ان تكرار وقوع الحوادث القاتلة والتي تحصد اعداد كبيرة من الوفيات تشير الى ان لدينا مشاكل كبيرة في الطرق ولدينا ضعف او تقصير في انفاذ القانون على كل متجاوز وهذا نابع من الكثير من السلبيات التي لم نتمكنن من محاربتها.

واكد امسيس ان انخفاض التوعية بالسلامة المرورية ساهم في الوصول الى حالة من الطيش والاستهتار في اسخدام الطرق اضافة الى استمرار رصد ومشاهدة السرعات العالية والجنونية على بعض الطرق الخارجية والتي تشكل السبب الاول لوقوع الحوادث القاتلة، مبينا ان تخفيض السائق لسرعته عن السرعة المقررة بمقدار 10 كم تخفض نسبة الاصابة في الحادث حال وقوعة. 
واوضح انه رغم التوعية الكبيرة التي تقدمها الاجهزة الامنية في مجال استخدام حزام الامان والالتزام بشواخص المرور والتجاوز الخاطئ إلا ان هذه الممارسات تشكل حتى اليوم السبب الاول والرىيسي في كثير من حوادث السير وتشكل ما نسبته 60% من حوادث السير على شوارع المملكة.

 

تغليض المخالفات 
واكد المهندس وفائي أهمية تغليظ العقوبات بحق مرتكبي الحوادث وان تكون هناك عقوبات غير العقوبات المادية المتمثلة بالمخالفات، إذ انه لا يمكن ان نتصور لسائق يتم مخالفتة على قطع الاشارة حمراء اكثر من 4 مرات فهذا لا يمكن ان يكون سائق مؤتمن على حياة الآخرين وبالتالي لا بد من وجود عقوبة لمثل هذه المخالفات على الاقل تكون بسحب الرخصة لفترة طويلة. 

 واشار الى اهمية تكاتف الجهود في معالجة الظاهرة ووقف سيل الدماء في الشواع بسبب الاستهتار والطيش، مطالباً بايجاد ما يعرف بمجلس الاعلى للسلامة المرورية لتوحيد جهود الجهات المعنية في هذا الموضوع.

واوضح امسيس أن عدد السيارات في الأردن بالملايين، والأعداد في تزايد مستمر حيث وصلت النسبة اليوم سيارة لكل 5 اشخاص وهذا يزيد من نسبة الحوادث بسبب ازياد حجم واعداد مستخدمي الطريق، ويتطلب ذلك وجود المجلس الأعلى أسوة بعدد من الدول المجاورة.

 

الشباب والهاتف 
واكد المهندس وفائي على ان نسبة كبيرة من الحوداث اليوم سببها الانشغال في استخدام الهاتف النقال وقد شاهدنا كثير من الحوادث التي راح ضحيتها اشخاص كانوا خارج الطريق او في حالة قطع للطريق لكن بسبب انشغال السائق في الهاتف وقع حادث.

وشدد امسيس على ان الشباب يعتبرون من ابرز مرتكبي الحوادث في الشوارع بسبب قيادتهم المتسرعة وعدم الالتزام بقواعد السير بسبب تشتت فكرهم عن الطريق، مشيراً الى ان الاحصائيات تؤكد على ان الشباب من سن 15-29 هم من اكثر الفئات المتسببة في حوادث الطرق التي تنتج وفيات واصابات قوية.

 لا تتصل حتى تصل 

وبسبب كثرة الحوادث الناجمة عن استخدام الهاتف، أُطلقت مبادة بعنوان" لا تتصل حتى تصل" في الزرقاء، كرسالة تحذيرية من حوادث السير وخطورة الانشغال ببرامج التواصل الاجتماعي المتعددة، حيث حملت المبادرة وضع مجسم على مدخل المدينة مجسم مركبة ‏صغيرة برتقالية اللون مصطدمة بإشارة ممنوع استخدام الهاتف.

وقال مطلقو المبادرة إن استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة جريمة بحق السائق نفسه وحق المجتمع، جراء ما ينجم عن هذا السلوك من حوادث سير قاتلة وإحداث إصابات خطيرة وعاهات مستديمة، داعين إلى الالتزام بتعليمات مديرية الأمن العام المستمرة، والتي تهدف للمحافظة على سائقي المركبات والمجتمع بشكل عام. 

حوادث مؤلمة 

وشهدت الفترة الماضية حوادث سير مؤلمة وموجعة بسبب ما نتج عنها من وفيات من ابرزها حادث وقع أول أيام عيد الفطر ونجم عنه وفاتان (أب وولده) وخمس إصابات، كما شهدت احدى الطرق السريعة حادثا مفجعا تسبب بوفاة 3 شباب يعملون بمدارس الثقافة العسكرية خلال عودتهم من العمل الى بلدتهم، كما فجع المجتمع بوفاة الممرضة منال الأزايدة التي راحت ضحية حادث سير، وقال والدها الذي نعاها بكلمات حزينة، إنه لم يتمكن من الاحتفال بتخرجها، اضافة الى عشرات الحوادث القاتلة خلال الاشهر الاخيرة وخطفت اروح أشخصا بعمر الزهور.