خريسات يكتب: في صمت الرمل تنهض مدينة المشرق عمرة
بقلم دكتور يوسف عبيدالله خريسات
لتنهض مدينة عمرة على طرف الصحراء باعتبارها فكرة وطن وسؤال ثقة هل من الممكن ان يتسع الوطن واختبار شجاعة في مواجهة الخوف المزمن من الاتساع فلماذا نخاف عندما يكبر الوطن ويتسع ولماذا يقابل كل افق جديد بالريبة وكأن ما اعتدنا قدر مغلق لا يجوز كسره او كأن الصحراء خلقت لتبقى صامتة الى الابد هي اسئلة يطرحها ضمير الاردني لا اكثر ولا اقل
مدينة عمرة عندما تنهض ستكون شامة على خد الوطن في المشرق العربي علامة جمال ودليل حياة مستمرة ووطن يكبر
فالاوطان التي تخاف من التمدد تشيخ مبكرا والدول التي ترفض الخروج من مدنها القديمة تترك الزمن يسبقها وتكتفي بمشاهدة التاريخ وهو يكتب في اماكن اخرى
في جميع الدول تتسع المدن وتنهض اخرى لتكمل ما بناه السابقون هكذا فعلت قاهرة المعز حين خرجت من سياجها الاول لتصير قلبا نابضا لدولة وحضارة وهكذا نهضت سامراء لتعلن القوة وبداية تاريخ جديد المدن حين تولد لا تسأل المشككين الاذن ولا تنتظر رضا المترددين تولد لان الدولة قررت ان تتحرك ولان المجتمع اختار ان يدخل الزمن الجديد بدل ان يدفن في ذاكرة الامس
الخوف من عمرة هو خوف من التغيير وهو قلق النخب الكسولة التي اعتادت ادارة الضيق ورؤية الافق القريب وهو ارتياب من فكرة ان الصحراء يمكن ان تعمر وان الاطراف يمكن ان تصير مراكز وان التنمية ليست حكرا على مدن بعينها
لكن الوطن الذي لا يغامر في التوسع لا يمكن ان يربح في السياسة ولا يمكن ان يطور الاقتصاد
مهما علت اصوات التشكيك والطعن والكيد فكل نهضة تواجه حملات الشك ذاتها ويقال عنها انها وهم او انها قفزة في الفضاء ثم ما تلبث ان تصير واقعا ويصير المشككون شهودا متاخرين على خطئهم البلاد تكبر وتتسع رغم كل اليات التخويف لان منطق الدولة اقوى من مزاج الافراد ولان التاريخ لا ينتظر المترددين
عمرة في معناها العميق رسالة تقول ان الصحراء فرصة وان البناء فعل سيادي بامتياز لا يقل اهمية عن السياسة والامن وان الحضارة تنمو وتمتد وتتفاعل في كل واد وزاوية حين تتوافر الارادة