وفاة صديق الملك الحسين عالم الفيزياء النووية رياض الحلو ابن العقبة
في العقبة، المدينة التي عرفت الرجال بأفعالهم لا بضجيجهم، رحل الدكتور رياض الحلو بهدوء يليق بسيرته، تاركًا ذكرى طيبة لرجلٍ جمع بين العلم الرفيع والخدمة العامة والنزاهة الشخصية، وعاش وفيًا لقيمه حتى آخر أيامه.
كان الراحل آخر رئيس بلدية منتخب لمدينة العقبة عام 1996، في مرحلة مفصلية من تاريخ المدينة، سبقت التحولات الإدارية الكبرى التي شهدتها لاحقًا مع الانتقال إلى نموذج المفوضية. وقد جاء انتخابه آنذاك تعبيرًا صادقًا عن ثقة أبناء العقبة بشخصية هادئة، متزنة، نظيفة اليد، تؤمن بأن العمل العام مسؤولية وطنية ورسالة أخلاقية.
يحمل الدكتور رياض الحلو درجة الدكتوراه في الهندسة النووية من الاتحاد السوفييتي، في زمن كان فيه هذا التخصص من أرقى وأدق العلوم، ولا يناله إلا أصحاب الكفاءة العالية والانضباط العلمي الصارم. وقد ظل علمه بالنسبة له أداة للفهم والعطاء، لا وسيلة للوجاهة أو الاستعراض.
وكانت للراحل علاقة صداقة واحترام متبادل مع جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، علاقة قامت على التقدير المتبادل والفكر الصادق. ورغم ما كان يمكن أن تتيحه هذه الصداقة من مسارات متعددة بعالم السياسة، اختار الدكتور رياض أن تبقى العقبة مدينته الأولى والأخيرة، وأن تكون البلدية محطته العامة الأبرز، مفضّلًا القرب من الناس وخدمتهم على أي موقع آخر.
رحل الدكتور رياض الحلو زاهدًا في الدنيا، مكتفيًا بسمعته الطيبة، ومحبة من عرفوه، واحترام كل من عمل معه. وهي سيرة تعكس صفاء النفس وصدق الانتماء، وتؤكد أن القيمة الحقيقية للإنسان تكمن في أثره لا في ما يملك.
وقد حظي الراحل بتكريم كريم من الديوان الملكي العامر عام 2023، في لفتة وفاء وتقدير، بتوصية من الأستاذ الدكتور محمد الفرجات إلى معالي رئيس الديوان الملكي العامر السيد يوسف العيسوي، وهو تكريم حمل معاني الاعتراف بالعطاء الصادق، وتقدير السيرة النزيهة.
إن وفاة الدكتور رياض الحلو ليست مجرد خبر، بل استذكار لمسيرة علمية وإنسانية مشرّفة، لرجلٍ آمن بالعلم، وخدم مدينته بإخلاص، وبقي وفيًا لمبادئه حتى النهاية.
رحم الله الدكتور رياض الحلو،
ورحم الملك الحسين الذي كان يعرف الرجال،
ولتظل سيرته ذكرى طيبة في وجدان العقبة وأهلها، ودليلًا على أن الإنسان يُخلَّد بما يتركه من أثرٍ حسن وقيمٍ نبيلة.