العياصرة تكتب : حزب"شنكليش".. ثلاث قيادات… ومسار واحد لم يكتمل

 

نيفين العياصرة

منذ لحظة التأسيس لم يكن حزب "شنكليش" حزبًا عابرًا في المشهد السياسي أننا  ظهر كحالة مختلفة استطاع أن يحجز اسمه بسرعة قياسية، وأن يفرض حضوره في النقاش العام دون انتظار طويل، هذه السرعة لم تكن صدفة أنما جاءت نتيجة جهد مكثف بذله المؤسس الذي قاد مرحلة التأسيس بعقلية الترويج السياسي فنجح في تعريف الشارع بالحزب، وبناء شبكة علاقات، واستقطاب أسماء ووجوه جديدة.

غير أن هذا النجاح حمل في داخله بذور إخفاقه، إذ إن سياسة الترغيب والاعتماد على الامتيازات والحوافز، وإن كانت فعالة على المدى القصير إلا أنها أنهكت الحزب ماليًا، وربطت العمل الحزبي بالمنفعة لا بالقناعة، وهو ثمن دفعه الحزب لاحقًا.

مع انتقال القيادة إلى القيادة التالية، دخل الحزب مرحلة مختلفة، مرحلة يمكن وصفها بـ"العلاج السياسي" جاءت هذه القيادة في توقيت حساس حيث كان الحزب بحاجة إلى إعادة ترتيب داخلي، وضبط إيقاعه، والبحث عن مخرج من أزمته المالية التنظيمية، وكان اندماج الحزب مع حزب آخر ، خطوة تعكس محاولة جادة للشفاء، لا للقفز إلى الأمام.

في هذه المرحلة تراجع وهج الاستعراض،  وتقدم خطاب الحلول وتم التركيز على ترميم ما تصدع ، إلا أن العلاج كما في الطب لا يكون دائمًا كافيًا إن لم يترافق مع تغيير حقيقي في البنية والعقلية.

زيارات، لقاءات، حكايا واشاعات، لكن المحاولة في العمل الحقيقي لم تجد دعما، إنما كانت وهما،واخفقت القيادة في تغيير التضاريس فكانت يميناً وشمالًا نفس الوجوه التي اورثتها المرحلة الآن.

ثم جاءت مرحلة مابعد الدمج   وهي المرحلة الأكثر إرباكًا في مسيرة الحزب،  لا لأنها الأسوأ تنظيميًا فقط،ة  إنما لأنها حملت ملامح "بداية النهاية"، قيادة تحاول الموازنة بين تركة ثقيلة من الماضي، وواقع حزبي مأزوم، ومستقبل غير واضح، هنا لم تعد المشكلة مالية فقط ولا تنظيمية فقط إنما  أصبحت أزمة رؤية وأزمة ثقة وأزمة تداول أدوار.

الثلاث قيادات رغم اختلاف الظروف والأساليب، وقعت جميعها بين قوسي الترغيب والتهريب.. من استقطب فأنهك،ومن عالج فخفّف،
ومن  حاول أن يوازن فتعقّدت أمامه الملفات.

لكن السؤال الجوهري ليس في اختلاف القيادات إنما  في ثبات الوجوه،فمن شارك في المرحلة الأولى ظل حاضرًا في الثانية ومتقدمًا في الثالثة، وكأن من بنى الطابق الأول يجب أن يكون بالضرورة في الثاني والثالث، دون مراجعة أو محاسبة أو حتى استراحة.

وهذا ما يتناقض مع جوهر العمل الحزبي الذي يفترض التجديد، والتدوير، وتغيير الملامح، لا إعادة إنتاجها  بنفس الأسماء.

الأحزاب لا تموت من قلة القيادات إنما من احتكارها، 
ولا تفشل بسبب الشباب إنما  بسبب تهميشهم، ففي "شنكليش" ، كما في غيره، يعمل «شباب لنا الغد» في الظل.. يخططون، ينسقون، يكتبون، بينما يخرج غيرهم إلى المنصات، ممسكًا بالميكروفون، متحدثًا بما لم يصغه وحده، ومستفيدًا من جهد لم يُنسب لأصحابه.

إن العمل الحزبي الحقيقي لا يقوم على الثبات إنما  على التغيير.. لا على الأشخاص إنما  على الأفكار ولا على الترغيب المؤقت، إنما  على الإيمان طويل الأمد.

وحزب "شنكليش" ، إن أراد أن يبقى، فعليه أن يجرؤ على السؤال الأصعب.. 
هل نريد حزبًا يدار… أم حزبًا يتجدد؟
لأن المشاكل لا تنتهي، ليس لثقل الواقع فقط إنما  لأن من يديرها أحيانًا هو ذاته من صنعها.

للعلم "الشنكليش" حزب اللبن والفلل الحار والزعتر، فلا تسيئوا الظن ولا الطعم إن أصبح اللبن حامضًا والفلفل لاذع والزعتر اصفرًا، هكذا هو الصحن امامي الآن والذي قدمه لي المطعم على انه ذو جودة عالية، لكن الطعم يختلف عن مضمون النكهات.