خريسات يكتب: قراءة في وسام باكستان وزيارة الهند إلى عمان.
بقلم : دكتور يوسف عبيدالله خريسات.
في السياسة يفهم الحدث بوقته وسياقه وما يتركه من أثر في العقل الاستراتيجي لمن يفهم قراءة الإشارات . وفي هذا الإطار يمكن النظر إلى منح جلالة الملك عبد الله الثاني وسام باكستان الرفيع المستوى ثم الزيارة الرسمية لرئيس وزراء الهند إلى عمان بعد فترة وجيزة بوصفهما مؤشرين على مكانة الأردن وموقعه في شبكة المعادلات الإقليمية والدولية
الوسام الذي منحته باكستان للملك يعكس تقدير الثقة المتبادلة ويؤكد على مكانة الأردن كشريك موثوق قادر على إدارة علاقاته الخارجية بحكمة ووضوح في بيئة اقليمية تتسم بالتقلب وعدم اليقين والرهانات المعقدة والحدود السياسية المتشابكة .
أما زيارة الهند فهي محطة مهمة تؤكد فهم العواصم الكبرى لدور الأردن وقيادته وقدرته على التوازن بين القوى الدولية والإقليمية .
فالهند التي تعيد تشكيل حضورها السياسي والاقتصادي في الخارج تسعى إلى شراكات مستدامة مع دول تتمتع بالثبات السياسي والقدرة على لعب أدوار بناءة ويمثل الأردن نموذج الدولة المستقرة ذات الخطاب الواضح والعلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف .
الربط بين الحدثين لا يقتصر على التوقيت فقط وإنما في فهم الصورة الكبرى لكيفية قراءة الأردن في العواصم المؤثرة فالنهج الأردني على مدى سنوات يقوم على التوازن وعلى الابتعاد عن الاصطفافات الحادة. وعلى الحفاظ على الثوابت الوطنية مع الانفتاح المدروس للشراكات الدولية وهذا ما أكسب الأردن القدرة على إدارة علاقاته دون الانجرار وراء اي طرف كان
وفي ظل بيئة دولية تتسم بازدياد المنافسة وتراجع الثقة تبرز أهمية الدول القادرة على تقديم نموذج للاعتدال والثبات والوضوح ويظهر الأردن بقيادته الهاشمية كأحد هذه النماذج التي تجمع بين الاتزان السياسي والقدرة على التواصل الفاعل مع أطراف متعددة دون فقدان الهوية الوطنية أو الاستقلالية في القرار
وعليه يمكن قراءة وسام باكستان وزيارة الهند إلى عمان بوصفهما رسائل سياسية ودبلوماسية واضحة تعكس مكانة الأردن وقدرته على ترسيخ حضوره الإقليمي والدولي كدولة محترمة وشريك موثوق وقادرة على بناء علاقات قائمة على الثقة والاستمرارية.