العتوم يكتب: روبوت أم بلطجية… خلطة إيرانية لإخفاء لغز اغتيال أبوالنووي
د.نبيل العتوم
اغتيال محسن فخري زاده في إيران أصبح أشبه بعرض كوميدي متكرر: كل أسبوع رواية جديدة، وكل رواية أكثر إحراجاً من التي قبلها، والنجمة دائماً هي الأجهزة الأمنية التي فشلت في حماية أهم عالم نووي في البلاد. أخر نسخة تحديث للمعلومات الأمنية جاءت بالأمس لتخبرنا أن العملية نفذها "بلطجية ومشاغبون" ، وكأننا أمام فيلم أكشن رخيص، بينما الضحية يقود سيارته الخاصة بدون موكب ولا مرافقة ، ولا زجاج مدرع وكأن الحماية مجرد مزحة.
ثم ظهرت النسخة الأشهر خلال الفترات الماضية ؛ روبوت قاتل يتحكم به شخص من آلاف الكيلومترات، مزوّد بذكاء اصطناعي، مدفع رشاش يطلق مئات الطلقات بالدقيقة، وكاميرات مربوطة بالأقمار الصناعية تراقب كل حركة. المشهد أشبه بإعلان لفيلم "ترميناتور" الإيراني، والجهات الأمنية تتحدث عنه كما لو كان درساً في الابتكار، بينما كل الإيرانيين يتساءلون: إذا كان الروبوت قادرًا على كل هذا، فكيف دخلت كل هذه التقنيات الى إيران ومن نصبها ، و أشرف عليها، وأين كان 16 جهاز استخباري في البلاد ؟.
الجانب المضحك–والمحرج هو أن كل نسخة من الرواية تحاول إنقاذ سمعة الأجهزة الأمنية، لكنها تكشف فشلها أكثر فأكثر. إذا صدقت رواية الروبوت، فذلك يعني أن التكنولوجيا اخترقت إيران دون أن تشعر ، وأن هناك خلايا مدربة محترفة ترصد تجمع وتنفذ . وإذا صدقت رواية البلطجية، فالمصيبة أعظم؛ أي مجموعة مجهولة يمكنها الوصول إلى أكثر الشخصيات حساسية في البلاد بدون أن يُكتشف أمرها.
وفي النهاية، لم يعد أحد يهتم أي رواية هي الصحيحة. المهم أن فخري زاده قُتل، والفاعل خرج كما دخل، وإيران ما زالت تبحث عن رواية واحدة تقنع نفسها قبل أن تقنع الآخرين. وبين روبوت وبلطجية، ضاعت الحقيقة، وضاع معها آخر خيط يوحي بأن الأجهزة الأمنية تعرف فعلًا ما الذي جري و يجري في البلاد لغاية اللحظة ، تاركة العالم كله يشاهد مسرحية هزلية، من بطولة الصدفة والفوضى واختراق الأجهزة الأمنية الستة عشر التي يبدو أنها باتت مجرد كومبارس في فيلم لم يكتب له نهاية سعيدة