خطاطبة يكتب: "الضمان".. منح جامعية بشروط مستحيلة

 

محمود خطاطبة


زفت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، خبرًا سارًا للأردنيين، أو بمعنى أدق، مُتقاعدي هذه المؤسسة، عندما أعلنت، قبل أيام، عن منح جامعية لأبناء هذه الفئة، قائلة إن ذلك «يأتي في إطار سعيها لدعم أبناء المُتقاعدين، وتمكينهم من مُتابعة تعليمهم الجامعي».
وحصرت «الضمان» هذه المنح في جامعتين، مُتمركزتين في وسط المملكة، هما: جامعتا الزرقاء وعمان العربية، واشترطت للحصول على هذه المنح «المنقوصة»، أن لا يتجاوز راتب المُتقاعد عن 275 دينارا، فضلا عن شرط حصول الطالب على شهادة الدراسة الثانوية العامة لعام 2025.
بعيدًا عن إقدام «الضمان» على هذه الخطوة، الذي يبدو ظاهرها إيجابيا، وبعيدا عن شروطها «المُستحيلة» أو «الصعبة».. إلا أن المؤسسة تُقر بأن هُناك فئة من أبناء الشعب الأردني ما يزالون يتقاضون راتبا شهريا مُقداره 275 دينارًا، الأمر الذي يعني أن هذا إقرار منها بأن هُناك مُتقاعدين يتقاضون راتبًا أقل من الحد الأدنى للأجور!، مع العلم بأن مسؤولي «الضمان» يصرحون جهارا نهارا، بأن مُتوسط الرواتب التقاعدية يبلغ نحو 550 دينارا شهريا.
نقطة ثانية، إن الأشخاص الذين يتقاضون مثل هذا المبلغ (275 دينارا)، هم حتما من المُتقاعدين القُدامى، ما يعني أن أعمارهم ما بين 70 و80 عاما، ومن المؤكد أن هؤلاء ليس لديهم أبناء على مقاعد الدراسة الجامعية، إلا قلة، تكاد لا تُذكر، وغالبًا ما يذهب هذا الراتب إلى «الورثة»، وهم هُنا عبارة عن زوجة، أو بنت أرملة أو مُطلقة، الأمر الذي يعني أن نسبة كبيرة لن تستفيد من هذه المنح، «صعبة الشروط».
نقطة ثالثة، لنقبل بفرضية أن بعض أفراد هذه الفئة لديهم أبناء على مقاعد الدراسة الجامعية، وراتب كل واحد منهم يبلغ 280 دينارًا، أو أكثر بقليل، فإنه تلقائيًا يُحرم من هذه المنحة «الوهمية»، وذلك لتجاوز راتبه التقاعدي خمسة دنانير عن الحد المسموح به!.. تصور عزيزي القارئ خمسة دنانير تحرم مواطن من منحة.
أما النقطة الرابعة، فتتمحور حول «حصر» هذه المنح في مُحافظتين في وسط المملكة، أما باقي المُحافظات، فلا بواكي لها، ولا أحد يُبالي بأوضاع قاطنيها، ولنفرض مثلًا شخصا يتقاضى ذلك «الراتب»، ولديه ابن أو ابنة، ويقطن في إحدى مُحافظات الأطراف.. هل تستطيع «الضمان» أن تشرح لنا كيف سيستفيد منها؟، خصوصًا أن راتبه لا يكفي لشراء حاجيات أساسية.
ثم ما هو مُستغرب، أن التخصصات المطلوبة للعمل، أو ما يُطلق عليها بأن عليها طلب، تكون المنحة فيها لا تتجاوز 50 بالمائة، وتلك مُصيبة جديدة، فضلًا عن أنها محصورة بتخصصات مُعينة.. فعلى سبيل المثال، المنحة في تخصصي إدارة الموارد البشرية والقانون، «جُزئية» تغطي 50 بالمائة من رسوم الساعات المُعتمدة فقط، أما في تخصصي الهندسة المدنية وهندسة العمارة فإنه يُتاح لهذين التخصصين منحة كاملة وأُخرى جُزئية!.
ولكي لا أبخس مؤسسة «تحويشة الأردنيين» حقها، فأقول إنها خطوة رائعة، لكنها ليست حقيقية، للأسف، وشروطها صعبة، لا تنطبق إلا على قلة، وعملية إخراجها تحتاج إلى الكثير.
فماذا يضير «الضمان»، لو توسعت مثلًا بموضوع الراتب، وطبقته على أولئك الذين يتقاضون «مُتوسط الرواتب»، والذي تؤكد المؤسسة بأنه يبلغ 550 دينارًا شهريًا، وما يُضيرها أيضًا لو توسعت إلى باقي الجامعات في محافظات أُخرى؟.
ويبقى السؤال: هل تكفي منح «الضمان» الجامعية؟ لمُساعدة المُتقاعدين في مواجهة احتياجاتهم المعيشية.