الديري تكتب: المشي وراء القطيع… الشال الأحمر وتريندات إحنا مع الخيل يا شقرا.

 

حلا الديري

انتشر الشال الأحمر لدرجة تخليك تشعر أنّه إذا ما لبست واحد بتصير خارج الحضارة. فجأة كل البلد صارت تعيش قصة حب أسطورية، وكأن الناس اكتشفوا الباب الخلفي للقدر… عبر قطعة صوف!

القصة الأصلية؟ أسطورة يابانية لطيفة تحكي عن “خيط أحمر” غير مرئي يربط شخصين مقدّر لهم يلتقوا. أسطورة بسيطة، رمزية، وما فيها ولا كلمة عن شالات أو هدايا ولا حتى عن color matching للصوف.

لكن ما إن وصلت الفكرة للسوشيال ميديا عندنا، حتى صارت على شكل شال أحمر لازم يلفّ الرقبة، ولازم يجي في شهر معيّن، ولازم يرمز للحب الحقيقي… وإلا فأنت خارج اللعبة.

الناس ما صدّقوا. صار الشال يوزّع كأنه بطاقة دخول لنادي “العلاقات الجدية”. ما حد سأل: من وين إجت الفكرة؟ ليش أحمر؟ وليش شال؟ وهل القدر عنده قسم أزياء؟

المهم أن التريند اشتغل، والقطيع مشي، وكل واحد صار بدّه شال حتى لو ما فيه “حبيب قدَري” من الأساس.

الطريف أن بعض الناس صاروا يقتنعون أن الشال اختبار حب: إذا قدّم لك شال أحمر فهو يحبك، وإذا جاب لون تاني فهو “مش جدي”. وكأن المشاعر صارت تعتمد على درجة اللون وسمك الخيط.

والأطرف؟ اللي بيلبس الشال حتى يصور ستوري، وبعدها يرميه على الكنبة وما يتذكره إلا السنة الجاية مع أول موجة ترند جديدة.

التريندات اليوم تشتغل مثل موجات البحر: تيجي فجأة، تعمل ضجة، وبعدين تختفي كأنها ما كانت. بس الفرق أنّ البحر طبيعي… والتريندات لا.

الشال الأحمر مثال باهر على كيف ممكن الناس يركضوا وراء موضة ما إلها أصل، بس لأنها “ماشية” وبتعطيهم شعور المشاركة. وهيك يتحول الخيط الأسطوري إلى منتج موسمي، ويتحوّل الحب إلى color code، وتتحول العلاقات إلى “مين لبس الشال قبل مين؟”.

وفي النهاية؟

الشال الأحمر جميل، ما في مشكلة. لكن المشكلة تبدأ لما نخلي قطعة صوف تقودنا، بدل ما تقودنا عقولنا.

لأنه مهما تغيّر التريند، يظل مبدأ واحد ثابت: القطيع دايماً يتحرك… حتى لو ما بعرف لوين.