الحرب الكبرى تقترب... أبو طير يحذر

 

قال خبير الأمن الاستراتيجي ماهر أبو طير إنّ التحضيرات التي تباشرها دولة الاحتلال لولوج جولة جديدة من الحروب في الإقليم لا تُعدّ، في جوهرها، حدثًا طارئًا أو مستغرَبًا، فهي تمثّل امتدادًا منطقيًا لمسار استراتيجي اتّضح منذ اللحظة الأولى لانفجار حرب غزّة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تل أبيب استطاعت عبر استثمارها الدقيق لأحداث السابع من أكتوبر، أن تُحوّل تلك الحرب إلى منصة شاملة لإعادة فتح جميع الملفات المؤجّلة ومحاولة تصفية ما تعتبره منظومة الأخطار الوجودية المحدقة بها، ومن ثمّ، بدا انتقالها من ساحة غزّة إلى مسارات موازية وتحوّلات أوسع أمرًا طبيعيًا.

وبيّن أبو طير أن خلال الحرب ذاتها، أظهر الاحتلال ميلًا واضحًا لتوسيع نطاق الاشتباك، من خلال تنفيذ عمليات عسكرية متفرقة ومركّزة في سوريا ولبنان وإيران واليمن، الأمر الذي يعكس توجّهًا نحو بناء استراتيجية "تزامن الجبهات" بهدف إنهاك القوى الإقليمية المعادية، لا مجرد معاقبتها.

وأشار إلى أنّ ما سيحدث في المرحلة المقبلة ليس تدشينًا لحروب جديدة بقدر ما هو عملية استكمال مُمنهَج لجبهات مفتوحة أصلًا، وبصورة خاصة على الساحة اللبنانية التي تُرجّح تقديرات عديدة سعي الاحتلال إلى حسمها قبل نهاية العام الحالي، تمهيدًا للانتقال إلى ملفات أشدّ تعقيدًا كالملفين العراقي والإيراني.
وفي موازاة ذلك، لا يمكن إغفال الرسائل الأميركية المكثّفة التي وُجّهت إلى بغداد خلال الأسابيع الماضية، والتي حملت مطالب صريحة تتعلق بنزع سلاح الفصائل العراقية المقرّبة من إيران، بالنظر إلى امتلاكها منظومات صاروخية وطائرات مسيّرة تمثّل – ضمن الحسابات الإسرائيلية والأميركية – تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، مستطردًا أنّ عام 2026 قد يشهد طورًا جديدًا من ديناميات هذه الحروب، وإنْ جاءت بصيغ مختلفة من حيث الحجم والامتداد والنتائج المتوقعة مقارنة بما شهده الإقليم في حرب غزّة.

ونوّه أبو طير إلى أنه لا يمكن، بأي حال، إجراء مقاربة بين المشهد السابق والمشهد المقبل؛ إذ نتعامل اليوم مع منظومة إقليمية منهكة، تفتقر إلى القدرة على امتصاص الصدمات، ونظام دولي يراوح بين التواطؤ والانشغال بأزماته العميقة، من الحرب الروسية الأوكرانية إلى إعادة تشكّل ميزان القوى الدولي بين الولايات المتحدة والصين، وضمن هذه البيئة الدولية المرتبكة، تتحول المنطقة تدريجيًا إلى مسرح مفتوح لاحتمالات غير مسبوقة من التصعيد.

وبناءً على ذلك كلّه، فإنّ الإقليم يقف، على الأرجح، على أعتاب المرحلة الأكثر خطورة وتعقيدًا في تاريخه المعاصر، مرحلة تتجاوز في تشابكاتها وتداعياتها ما شهدناه خلال العامين الماضيين، وقد تشكّل نقطة انعطاف حاسمة في تغيير الأمن الإقليمي برمّته.