الحواتمة يكتب: هيبة بلا كلمات … أردن بلا مساومة
المهندس محمد العمران الحواتمة
الرمثا مساء الثلاثاء لم تكن مجرد عنوان عابر في نشرات الأخبار ، بل كانت اختباراً حياً لهيبة الدولة الأردنية وتجسيداً صريحاً لمدى صلابة مؤسساتها وقدرتها على حماية أمن المواطنين واستقرار الوطن . فالأردن ، برغم صغر مساحته ، يثبت مرة أخرى أن قوته الحقيقية لا تقاس بالأرقام ، بل بالوعي والانضباط والالتزام المؤسسي .الهوية الأردنية ليست شعاراً يرفع ، ولا كلمات تكتب على لافتة ، بل حالة وجدانية متجذرة في الناس : وعي، وفاء، وشجاعة. هي هوية تبدأ من ثوب المرأة البدوية الذي يحمل الشرف ، وتمر بصوت المؤذن في الفجر الذي يدعو المدينة إلى اليقظة ، وتظهر في الفلاح الذي يشق الأرض حباً للوطن . هذه الهوية تنبض في الوجوه حين يشتد الموقف ، وتعلو في الأكتاف حين يطلب من الأردن أن يكون أكبر من حجمه ، وأشد من ظروفه ، وأقوى من محيطه .
تقدمت المخابرات العامة الأردنية بصمتها المعهود ودقتها الفائقة إلى قلب الحدث . الجهاز الذي لا يظهر إلا حين يقرر ، ولا يعلق سوى على الحقائق ، أثبت أنه العقل المدبر الذي يقرأ المشهد قبل أن يتحول إلى أزمة . فالمخابرات العامة ليست مجرد جهاز ، بل امتداد للسيادة الأردنية ، يحافظ على استقرار الوطن ويمنع أي محاولة لزعزعة الأمن قبل أن تبدأ . التحرك الدقيق والخطط المحكمة للجهاز كانت العامل الحاسم في ضمان عدم تطور الموقف ، وإعادة الطمأنينة للمدينة بسرعة وفعالية .
على الأرض ، ظهر الأمن العام الأردني كواجهة صلبة للدولة ، يقود تنفيذ العملية باحترافية عالية . رجال الأمن العام ليسوا مجرد عناصر في جهاز ، بل هم صورة حيّة للهوية الأردنية ، صلابتهم ، وشجاعتهم ، والتزامهم بالقانون تمثل الوقاية الأولى للمواطن الأردني . الانتشار المدروس والتحرك السريع كانا مثالاً يحتذى به في كيفية مواجهة الخارجين عن القانون دون تعطيل حياة المدنيين ، وبطريقة تؤكد هيبة الدولة وسيادة القانون .
في الخلفية ، وقف الجيش العربي الأردني كالسند الصلب ، حامياً للحدود ومدافعاً عن الاستقرار . الجيش الذي تربى على قسم الثورة العربية الكبرى ، وورث قيم الانضباط والشجاعة ، لم يكن مجرد مراقب ، بل خط الدفاع الأخير الذي يضمن أن أي تصرف خارج القانون لن يجد أمامه سوى ردع حازم . الجيش الأردني يمثل جزءاً من الهوية الوطنية ، ويضفي على أي عملية أمنية ثقة لا تهتز على كل المستويات .
كل هذه التحركات كانت تحت مظلة واحدة: القيادة الهاشمية التي أثبتت مراراً أن الحكمة ليست رفاهية ، وأن القرار الصلب لا يحتاج إلى ضجيج . الملك عبدالله الثاني ، وولي العهد الأمير الحسين ، يمثلان مدرسة قيادة واضحة : حكم رشيد ، قراءة دقيقة للملفات الأمنية ، ووعي تام بأهمية حماية كل شبر من الوطن . القيادة الهاشمية جعلت من الأردن دولة متماسكة ، تستطيع إدارة الأزمات بسرعة وفاعلية ، مع الحفاظ على استقرار المجتمع وثقة المواطنين .
ما حدث في الرمثا مساء الثلاثاء لم يكن مجرد عملية أمنية ، بل درس واضح في تكامل مؤسسات الدولة . المخابرات العامة تحلل وتخطط ، الأمن العام ينفذ ويحمي، الجيش يراقب ويؤمن ، القيادة توجه وتقرر ، والشعب يقف خلفهم بثقة مطلقة . هذا التكامل هو ما يجعل الأردن قوياً، واستقراره ثابتاً ، وقدرته على الحسم سريعة وفعالة . الرمثا كانت شاهدًا على أن الدولة الأردنية لا تسمح لشرارة فوضى أن تتصاعد، وأن الأمن في الأردن ليس مجالاً للاختبار .
خرجت الرمثا من ليلها أكثر أماناً وأكثر يقيناً بأن الدولة الأردنية تمتلك كل أدوات القوة اللازمة لحماية مواطنيها . وهذه الليلة لم تظهر فقط صلابة الأردن ، بل جسدت الهوية الأردنية بأبهى صورها : وعي، التزام، شجاعة، وفداء. الأردن اليوم ليس مجرد دولة على الخارطة ، بل كيان متماسك ، ينهض بكامل ثقله حين تتعرض أركانه لأي تهديد .
ليلة الرمثا مساء الثلاثاء أثبتت أن الأردن دولة تحمي مواطنيها بكامل قوتها ، وأن مؤسساتها تعمل كجسد واحد : المخابرات العامة ، الأمن العام ، الجيش العربي ، والقيادة الهاشمية ، جميعهم عناصر قوة لا يُستهان بها . الهوية الأردنية هنا ليست شعاراً يُرفع ، بل ممارسة يومية يترجمها رجال الدولة وشعبها في كل لحظة . ومن يظن أنه يستطيع اختبار هذا الوطن أو مسه ، يدرك سريعاً أن الأردن ، حين يقف ، لا ينكسر ، وأن الدولة حين تتحرك ، تتحرك بثقل كامل لا يقاس ولا يقارن .
وهكذا، سيظل نشامى أجهزتنا الامنية رمزاً لأمان الأردن . وحادثة الرمثا مثالاً حياً على قدرة الدولة الأردنية على الحماية والحسم ، وعلى أن الهوية الأردنية الصلبة هي أساس كل قوة ومصدر كل ثقة ، وأن الدولة حين تنهض ، تنهض بكامل هيبتها ، بكل رجالاتها ، وبكل إرثها التاريخي ، لتؤكد للعالم أجمع : الأردن صامد، أقوى، وأشد هيبة من أي وقت مضى .