ما الذي يدفع إيران للتفكير بعاصمة جديدة؟... الزغول يجيب "أخبار الأردن"

 

قال الباحث في مركز الإمارات للسياسات، الدكتور محمد الزغول، إن الجدل المتجدد حول إعادة تموضع العاصمة الإيرانية خارج طهران لم يأتِ من فراغ، إذ إن هناك إدراكًا رسميًا بأن المدينة بلغت حدودًا غير مسبوقة من الإرهاق، والإنهاك، بما يجعل استمرارها بصيغتها الحالية مغامرة محفوفة بمخاطر اجتماعية، وصحية، واقتصادية تتصاعد بوتيرة تُنذر بانفجار شامل.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن طهران، تعيش اليوم حالة يمكن توصيفها بـ"الانسداد التاريخي"، حيث تتشابك الأزمات البيئية مع الاختلالات الديموغرافية، والتشوهات العمرانية، في معادلة تُفاقم مستويات التلوث، وتُضعف قدرة البنى التحتية على الاستمرار، وتُهدّد الصحة العامة بما لا يمكن احتواؤه عبر حلول موضعية أو تدخلات جزئية.

وبيّن الزغول أن الخطاب الرسمي الذي يلوّح منذ سنوات بإمكانية نقل العاصمة إلى مدينة أخرى يعكس، في جوهره، شعورًا مُتزايدًا بأن طهران باتت مدينة "فاقدة للقدرة على التعافي ذاتيًا"، ومع ذلك - وهو ما يؤكده الزغول - فإن الانتقال إلى عاصمة بديلة يظل خيارًا شبه مستحيل في الظروف الراهنة؛ إذْ تتقاطع في طريقه منظومة معقدة من العوائق، أبرزها التكلفة المالية لإنشاء بنية إدارية جديدة، وغياب مصادر تمويل مستقرة، فضلًا عن أن المدن المرشّحة أو المواقع المقترحة تعاني هي الأخرى من أزمات مائية واختلالات بيئية تجعلها غير مؤهلة لتحمل أعباء التحوّل إلى مركز سياسي جديد للدولة.

ولفت إلى المؤسسة الرسمية الإيرانية تبدو أمام مفترق حرج خلال السنوات القليلة المقبلة، فإما ترك طهران تغرق في دوامة أزماتها المتفاقمة بما قد ينعكس على استقرار الدولة برمّتها، أو الاتجاه نحو حزمة تدخلات ميدانية واسعة تهدف إلى تفكيك حلقات الاختناق العمراني والاقتصادي خطوةً بخطوة، وهي تدخلات تتطلب استثمارات خارجية ضخمة وقدرات مالية لا تبدو متوفرة في الوقت الراهن.

ونبّه الزغول إلى أن سؤال "العاصمة الجديدة" قد لا يكون، في هذه المرحلة، سوى محاولة لفتح نافذة نفسية في جدار اليأس، إلا أن طهران في الحقيقة تحتاج إلى إعادة تخيّل جذري قبل نقل مؤسسات الدولة منها، لأن بقاءها على هذا المسار يُنذر - بلا مبالغة - بتحوّلها إلى مدينة غير قابلة للحياة.