الديري تكتب:حين يطغى التصوير على التدريس: معلمات يكشفن عبئًا يستهلك الحصص والجهد.

حلا الديري

 كانت الجلسة الحوارية بين مجموعة من المعلمات أشبه بفرصة للتنفيس، لكن خلف الابتسامات المتعبة كانت هناك حكايات تحكي ثقلًا حقيقيًا يعيشه المعلّمون اليوم. كل واحدة بدأت تسرد معاناتها مع ما أصبح يُعرف داخل المدارس بـ”تكليفات التوثيق والتصوير”، وهي مهمة تبدو بسيطة على الورق، لكنها تتحوّل في الواقع إلى عبء يأكل الوقت والجهد.

المعلمات أكدن أن تصوير الطلاب خلال كل نشاط ليس مهمة سهلة. ضبط أكثر من 25 طالبًا داخل غرفة صفية، تهدئتهم، ترتيبهم، إعادة اللقطة، محاولة الإمساك بضوء مناسب… كل ذلك يتم بينما يمضي وقت الحصة سريعًا. كثير من الحصص تنتهي بلا شرح فعلي، لأن الجهد ينشغل بما يجب تصويره ونشره أكثر مما ينشغل بالهدف التعليمي نفسه.

بعض المعلمات اعترفن أنّهن أصبحن يشعرن بأن الرسالة الأساسية للدرس تتراجع أمام ضغط “المحتوى البصري”. الطالب لم يعد متعلمًا فقط… بل مشروعا للقطات، والمعلمة ليست معلمة فقط… بل مسؤولة عن إنتاج محتوى يومي داخل الصف.

النتيجة كما وصفنها: إرهاق مضاعف، حصص تضيع، وأولويات تعليمية تتغير دون قصد.

لذلك طالبت الغالبية بإعادة النظر في هذا التكليف، إما بإلغائه، أو بتعيين مصورين أو مختصين في السوشيال ميديا داخل المدارس. فالعملية التعليمية تحتاج تركيزًا ووقتًا ومساحة حرة، لا مجموعة كاميرات تعيد تشكيلها كل يوم

فالمعلّم مهمّته التعليم، والمتعلم حقه أن يتعلم، لا أن يتحول إلى محتوى.

الصوت الذي خرج من تلك الجلسة لم يكن تذمرًا عابرًا، بل دعوة صادقة للحفاظ على جوهر التعليم في زمن ازدحمت فيه الصور، بينما يحتاج الطلاب إلى معرفة لا تُقاس بعدد ما يُنشر، بل بما يُفهم داخل الصف

ورسالة تعلن أن التعليم لا يجب أن يصبح رهينة للكاميرا. وأن المعلّم، مهما كان مبدعًا، لا يمكن أن يقوم بدور فصل كامل بمفرده. الحديث عن هذا العبء يفتح الباب لسؤال أكبر: كيف نحافظ على جوهر العملية التعليمية في زمن صار فيه كل شيء قابلًا للنشر؟.