الحوارات لـ"أخبار الأردن": السيناريو الأخطر في غزة يحدث

 

قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات إنّ المشهد في غزة، في هذه اللحظة الفارقة، يزداد تعقيدًا وحساسية، على الرغم من الهدوء الشكلي الذي أعقب ما يُعرف بـ"المرحلة الأولى" من الخطة الأميركية، أو ما بات يُتداول إعلاميًا بـ"خطة ترامب".

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ هذا الهدوء، لا يعكس حقيقة ما يجري ميدانيًا؛ إذ تتصاعد مؤشرات خطيرة في مقدمتها عمليات الاغتيال التي لا يمكن التعامل معها بوصفها حوادث منفصلة، وإنما باعتبارها دلالات مباشرة على صراع محموم على السيطرة داخل غزة.

وبيّن الحوارات أن إسرائيل تسعى، عبر سلسلة الاغتيالات، إلى إرباك البيئة الداخلية في غزة وتفتيت القيادات الميدانية للفصائل، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تعطيل أو إعاقة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، وفي المقابل، تعمل فصائل فلسطينية متعددة على توسيع نفوذها وترسيخ مواقعها قبل وصول أي قوة دولية أو حكومة تكنوقراط، وهي الجهة التي يجري الحديث عن تفويضها مستقبلًا بإدارة شؤون القطاع.

وأشار إلى أن كل طرف يجد نفسه بذلك منخرطًا في سباق لتثبيت موقعه على الأرض في ظل غياب مظلة أمنية موحدة قادرة على ضبط الإيقاع.

ولفت الحوارات إلى أن الفراغ الأمني والسياسي الذي نجم عن عدم تسلّم الشرطة الفلسطينية مسؤولياتها، وتأخر انتشار القوة الدولية التي كان من المفترض أن تبدأ عملها فور انتهاء المرحلة الأولى، أوجد بيئة هشّة تسمح بتمدد اللاعبين المحليين، وفتح الباب أمام احتمالات تشكّل مجموعات مسلحة صغيرة وعائلات نافذة، مستفيدة من الانهيار الاقتصادي وغياب جهاز إنفاذ قانون موحد.

واستطرد قائلًا إنّ إسرائيل تسعى إلى إطالة أمد المرحلة الأولى بحجة عدم استلام عدد من الجثامين، بهدف إدامة حالة ما بعد الحرب ومنع الدخول الفعلي في مرحلة ما بعد التسوية، وهو ما يعمّق حالة الفوضى ويُبقي غزة في مساحة رمادية مفتوحة على احتمالات غير محسومة.

ونوّه الحوارات إلى أنّ الوساطة الأميركية التي قادت المرحلة الأولى لم تعد تمتلك الزخم نفسه في المرحلة الثانية، نتيجة عوامل متعددة؛ منها الخلافات داخل مجلس الأمن حول المشروع الأميركي، ورفض إسرائيل الالتزام ببعض بنود الخطة، خصوصًا المتعلقة بجدول الانسحاب، بالإضافة إلى موقف حماس التي لن تقدم أي تنازل قبل أن تتضح معالم المرحلة التالية، وخاصة ما يتعلق بسلاحها ومستقبل الحكم في القطاع.

ورأى أنّ الدور الأميركي بات أقرب إلى إطار سياسي عام منه إلى أداة تنفيذية فعّالة، في ظل تعدد الأطراف المؤثرة على الأرض وتشابك مصالحها.

وأشار الحوارات إلى أن المشهد في غزة يعكس فراغًا سياسيًا وأمنيًا حقيقيًا، تتجلى مظاهره في الاغتيالات وصراع السيطرة وتعمّق الفوضى، ويخلص إلى أن عدم حسم معادلة الحكم والأمن، سواء عبر مسار دولي واضح أو حكومة انتقالية متفق عليها، يفتح الباب أمام انزلاق غزة إلى نموذج "اللّا حكم"، وهو السيناريو الأخطر على الإعمار والاستقرار طويل الأمد في القطاع.