فوضى غزة قد تتحول إلى مواجهة مفتوحة مجددًا

 

قال الصحفي وسام عفيفة من غزة إنّ مشهد الاغتيالات والقصف المحدود الدائر يجسّد ترجمةً تنفيذية لضوءٍ أخضر أميركي مُضمَر داخل بنية الاتفاق ذاته، يسمح للاحتلال بالتحرك العسكري تحت سقفٍ محسوب ما دامت عملياته تُسوّق دوليًا تحت لافتة الإجراءات الأمنية الوقائية، وهو ما يفتح الباب أمام مساحة مناورة واسعة دون إعلان انهيار الاتفاق رسميًا.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ سلسلة الاغتيالات، والتدمير الموضعي، وعمليات التفجير، وإعادة ترسيم النقاط على حدود الخط الأصفر، لا تشكّل أحداثًا متفرّقة أو نزعات انتقامية معزولة، وإنما تأتي جزءًا من عملية بناء جغرافية أمنية مركّبة، تستهدف إعادة تشكيل الحيّز الميداني قبل الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، وخلق وقائع قسرية على الأرض تُضعف قدرة الوسطاء على فرض شروطهم، وتعيد توزيع خارطة السيطرة بطريقة تجعل الاحتلال الطرف الممسك بمفاتيح الزمن الميداني والسياسي معًا.

وبيّن عفيفة أنّ تراجع القدرة الفعلية للوسطاء الإقليميين والدوليين على كبح الخروقات يشير إلى انتقال المبادرة الاستراتيجية إلى يد الاحتلال، الذي يتعامل مع المرحلة الثانية بمنطق الإدارة الانتقائية للأمن، بحيث يُثبّت الهدوء حين يحتاج إلى امتصاص الضغوط، ويخرقه حين يسعى لفرض تغييرات بنيوية في معادلة القوة، بما يجعل مسار التهدئة مرهونًا بإرادته الأحادية لا بالتزامات متبادلة.

وتابع مشيرًا إلى أنّ المقاومة، وفي مقدمتها حركة حماس، ما تزال متمسكة بالإطار الرسمي لوقف إطلاق النار، غير أنّ استمرار الاغتيالات، مقرونًا بتراخي واشنطن في ممارسة أيّ ضبط حقيقي لسلوك الاحتلال، يدفع المشهد الميداني باتجاه حالة فوضى مُدارة قد تنزلق بسرعة إلى مواجهة مفتوحة، خصوصًا إذا تآكلت الثقة بالمسار السياسي وارتفعت كلفة الانتظار على الأرض.

ونوّه عفيفة إلى أنّ نافذة الفرصة لتطبيق المرحلة الثانية لا تزال قائمة، لكنها تضيق تدريجيًا مع اقتراب البيئة الإسرائيلية الداخلية من استحقاقٍ انتخابي حساس، قد يتحول إلى محرّك تصعيدي يُنتج خطابًا أمنيًا تعبويًا، ويبحث عن معركة جديدة لتعظيم المكاسب السياسية وإعادة تثبيت الشرعية داخل النظام الإسرائيلي، وهو ما يجعل التأخير مخاطرة استراتيجية لا ميدانية فحسب.