باحث: طموح ترامب مرتبط بـ"غزوة خيبر"
قال الباحث في التاريخ السياسي الأمريكي والجيوستراتيجية الدكتور كوبي باردا، من معهد حولون للتكنولوجيا في إسرائيل، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحمل ما وصفه بـ "طموح مرتبط بغزوة خيبر"، في إشارة إلى استخدامه رمزية تاريخية لصياغة مشروع إقليمي جديد في الشرق الأوسط.
وأوضح باردا، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن ترامب يسعى إلى خلق "لحظة إقليمية كبرى" يقدم خلالها نفسه بوصفه صانع سلام قادرًا على "جمع أبناء إبراهيم في مسار واحد بعد آلاف السنين"، مضيفا أن الرئيس الأمريكي يريد تحقيق مكاسب انتخابية قبل انتخابات التجديد النصفي، إلى جانب استعادة زخم جائزة نوبل التي لم يحصل عليها هذا العام.
وبحسب باردا، فإن ترامب يستدعي الرمزية التاريخية لغزوة خيبر عام 630م، والتي شهدت إنهاء الوجود اليهودي في الجزيرة العربية، ليظهر بمظهر القائد الذي "يغلق الدائرة" ويعيد دمج إسرائيل والعالم الإسلامي في إطار واحد ينتهي بلقطة توقيع في البيت الأبيض، حيث يرى ترامب أن المشهد الإعلامي لا يقل أهمية عن الاتفاق نفسه.
وأشار الباحث إلى أن هذه الطموحات تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام معضلة سياسية حادة، إذ يريد ترامب إنجازا ملموسا قبل نهاية عام 2026، ويعتبر إسرائيل جزءا من الهيكل العالمي الجديد الذي يعمل على تشكيله حتى عام 2027، لكن بشروط أبرزها خطوة إسرائيلية تجاه إقامة دولة فلسطينية، أو على الأقل إطلاق مسار سياسي يُسوَّق دوليا بهذا الاتجاه. وهي خطوة قد تفكك الائتلاف الحاكم وتدفع نحو انتخابات مبكرة.
ويرى باردا أن نتنياهو يقف أمام خيارين: إما دفع الثمن السياسي والمضي في المشروع الإقليمي الذي يرسمه ترامب، أو ترك هذا الدور لحكومة أخرى لاحقا، مع بقاء إسرائيل ضمن الهيكل الجديد ولكن بتأثير أقل.
وجاء حديث باردا في سياق تحليله للتعاون المتسارع بين ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي قال إنه أخذ منحى استراتيجيا أعمق من الملفات التقليدية المتعلقة بالدفاع والطاقة والسلاح. وأكد أن "القصة الحقيقية" تكمن في تحالف يقوم على الذكاء الاصطناعي باعتباره محور إعادة تشكيل العلاقات الدولية.
وأضاف أن ترامب يعمل على مشروع يمتد حتى عام 2027، حيث يتوقع العالم تحولات جوهرية في سباق الذكاء الاصطناعي، ويسعى لبناء سلسلة توريد مستقلة عن الصين تبدأ من التعدين وتنتهي بالطاقة الضخمة اللازمة لمراكز البيانات. وفي هذا السياق، تظهر السعودية شريكا أساسيا بفضل قدراتها في توفير الطاقة ورغبة محمد بن سلمان في تحويل المملكة إلى قوة عالمية في الذكاء الاصطناعي، لا مجرد منتج تقليدي للنفط والغاز.
وأشار باردا إلى أن هذا التحالف الأمريكي–السعودي يعيد رسم خريطة المنطقة، نظرا لتوافق رؤية محمد بن سلمان مع هدف ترامب في إنشاء ممر اقتصادي–تكنولوجي ينافس الصين، ويمتد من الهند إلى أوروبا عبر الشرق الأوسط. وفي قلب هذه الهندسة، تبرز إسرائيل رغم عدم مشاركتها الرسمية، بسبب قوتها التكنولوجية وقدراتها الأمنية وموقعها الجغرافي الذي يجعلها جسرا يربط الممر الناشئ بالبحر المتوسط.
وختم باردا بالقول إن مشروع ترامب–ابن سلمان يتجاوز الأبعاد السياسية التقليدية، ليصبح "خطة لإعادة تشكيل البنية التكنولوجية والطاقة والاتصال في العالم، تدخل فيها إسرائيل بوصفها حلقة استقرار لا يمكن تجاوزها".